النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

قوله عز وجل : { وجعل فيها رواسي من فوقها } أي جبالاً ، وفي تسميتها رواسي وجهان :

أحدهما : لعلوّ رءوسها .

الثاني : لأن الأرض بها راسية أو لأنها على الأرض ثابتة راسية .

{ وبارك فيها } فيه وجهان :

أحدهما : أي أنبت شجرها من غير غرس وأخرج زرعها من غيره بذر ، قال السدي .

الثاني : أودعها منافع أهلها وهو معنى قول ابن جريج .

{ وقَدَّر فيه أقواتها } فيه أربعة تأويلات :

أحدها : قدر أرزاق أهلها ، قاله الحسن .

الثاني : قدر فيها مصالحها من جبالها وبحارها وأنهارها وشجرها ودوابها ، قاله قتادة .

الثالث : قدر فيها أقواتها من المطر ، قاله مجاهد .

الرابع : قدر في كل بلدة منها ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد ، قاله عكرمة .

{ في أربعة أيام } يعني تتمة أربعة أيام ، ومنه قول القائل : خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام ، وإلى الكوفة في خمسة عشر يوماً ، أي في تتمة خمسة عشر يوماً .

وقد جاء في الحديث المرفوع أن الله عز وجل خلق الأرض يوم الأحد والاثنين ، وخلق الجبال يوم الثلاثاء ، وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والخراب والعمران ، فتلك أربعة أيام ، وخلق يوم الخميس السماء ، وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر والملائكة وآدم .

وفي خلقها شيئاً بعد شيء قولان :

أحدهما : لتعتبر به الملائكة الذين أحضروا .

والثاني : ليعتبر به العباد الذين أخبروا .

{ سواء للسائلين } فيه تأويلان :

أحدهما : سواء للسائلين عن مبلغ الأجل في خلق الله الأرض ، قاله قتادة .

الثاني : سواء للسائلين في أقواتهم وأرزاقهم .