غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

1

ثم خصص بنوع الشرك { وجعل فيها رواسي } ومعنى { من فوقها } أي بالنسبة إلى سكان المعمورة تذكيراً لنعمة فوق نعمة فإن الجبال منافعها أكثر من أن تحصى يعرف بعضها أهلها ولعلنا قد عددنا في أوّل " البقرة " طرفاً منها .

وبارك فيها } بوضع الخيرات الكثيرة فيها . قال ابن عباس : يريد شق الأنهار وخلق الجبال والأشجار والحيوانات وكل ما يحتاج إليه { وقدّر فيها أقواتها } عن مجاهد : يعني المطر فإنه بمنزلة الغذاء للأرض به حياتها . وعن محمد بن كعب : أراد أقوات أهلها ومعايشهم وما يصلحهم . وقيل : لا حاجة إلى الإضمار فإن الإضافة تحسن لأدنى ملابسة أي وقدر فيها أقواتها التي يختص حدوثها بها { في أربعة أيام } يعني مع اليومين الأوّلين فيكون إيجاد نفس الأرض في يومين وإيجاد هذه الأشياء في يومين آخرين والمجموع أربعة أيام وخلق السماء في تتمة ستة فتكون هذه الآية موافقة لسائر الآيات ، وقد سبق هذا المعنى في أوّل سورة البقرة . من قرأ { سواء } بالرفع فعلى أنه خبر مبتدأ محذوف أي هو سواء . ثم إن كان الضمير للأربعة فمعناه أن تلك الأيام مستوية في الطول والقصر كأيام خط الاستواء ، أو هي تامة غير ناقصة بشيء فقد يطلق لفظ الكل على الأكثر ، وهذه إحدى فوائد العدول عن العبارة الصريحة وهي أن لو قال في يومين آخرين . وقال بعضهم : من فوائده أنه لا يجوز عطف قوله { وجعل } على { خلق } لأن قوله { وتجعلون } معطوف على { لتكفرون } ولا يجوز أن يحال بين صلة الموصول وما يعطف عليه بأجنبي لا يقال : جاءني الذي يكتب وجلس يقرأ فلا بدّ من إضمار فعل مثل الأول فتقدير الكلام : ذلك أن رب العالمين خلق الأرض وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدّر فيها أقواتها في أربعة أيام ، وهو كلام لا يرد عليه سؤال أصلاً . ومن قرأ بالجر فعلى وصف الأربعة بالاستواء والمعنى كما مر . ومن قرأ بالنصب فعلى المصدر أي استوت استواء . ثم إن كان الضمير للأربعة فالمعنى كما قلنا ، وإن كان للأقوات . وكذا في قراءة الرفع احتمل أن يكون { للسائلين } متعلقاً به أي الأقوات والأرزاق سواء لمن سأل ولمن لم يسأل لما روى عن ابن عباس قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا رديفه يقول : خلق الله الأرواح قبل الأجساد بأربعة آلاف سنة ، وخلق الأرزاق قبل الأرواح بأربعة آلاف سنة سواء لمن سأل ولمن لم يسأل ، وأنا من الذين لم يسألوا الله الرزق ، ومن سأل فهو جهل منه . واحتمل أن يكون قوله { للسائلين } متعلقاً بقوله { وقدّر } أي قدّر فيها الأقوات لأجل الطالبين لها المحتاجين إليها وهم في الاحتياج سواء . وقيل : إنه متعلق بمحذوف كأنه قيل : هذا الحصر والبيان لأجل من سأل في كم خلقت الأرض وما فيها ، لأن اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

/خ24