فإن ظهر فيما بعد أن الشاهدين قد كذبا في شهادتهما أو أخفيا شيئا ، فإن اثنين من أقرب المستحقين لتركة الميت ، هما أحقُّ أن يقفا مكان الشاهدَين بعد الصلاة ، ليحلفا بالله أن الشاهَدين قد كذبا ، وأن ذينك الرجلين لم يتّهما الشاهدين زورا وبهتاناً ، ولو فعلا فإنهما يكونان من الظالمين المستحقين عقاب من يظلم غيره .
روى القرطبي في تفسيره قال : كان تميم الداري وعديّ بن بَداء رجُلين نصرانيّين يتّجران إلى مكة في الجاهلية ، فلما هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم حوّلا تجارتهما إلى المدينة . فخرج بُدليل مولى عمرو بن العاص تاجراً حتى قدم المدينة ، فخرجوا تجاراً إلى الشام . حتى إذا كانوا ببعض الطريق اشتكى بُديل ، فكتب وصية بيده ثم دسها في متاعه وأوصى إليهما . فلما مات فتحا متاعه ، فأخذا منه جاماً من فضة عليه خيوط من ذهب ، وقدِما على أهله فدفعا إليهم متاعه . ففتح أهله متاعه فوجدوا كتابه وعهده . وفقدوا الجام فسألوهما عنه فقالوا : هذا الذي قبضنا منه ، فقالوا : هذا كتابه بيده . قالوا : ما كتمنا له شيئا . فترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت الآية . فأمر رسول الله أن يستحلفوهما في دُبُر صلاة العصر . فحلفا ، ثم بعد ذلك ظهر الجام معهما ، فقال أهل بُديل : هذا من متاعه ، قالا : نعم ، لكنّنا اشتريناه منه ونسينا أن نذكره حين حلفْنا فكرهْنا أن نكذّب نفوسنا . فترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت الآية { فَإِنْ عُثِرَ على أَنَّهُمَا استحقآ إِثْماً } فأمر النبي رجلَين من أهل الميت أن يحلفا على ما كتما وغيّبا ويستحقانه .
قال تميم الداري : فلما أسملتُ ، تأثّمت من ذلك ، فأتيت أهل بُديل وأخبرتهم الخبر ، وأديتُ إليهم خمسمائة درهم ، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها . فأتوا به إلى رسول الله ، فسألهم البيّنة ، فلم يجدوا . فأمرَهم أن يستحلفوه بما يقطع به على أهل دينه . فحلَف ، فأنزل الله عز وجلّ { يِا أَيُّهَا الذين آمَنُواْ . . . } الآيات فقام عمرو بن العاص ورجلٌ آخر منهم فحلّفا ، فنُزعت خمسمائةُ درهمٍ من يد عدي بن بداء .
وكان تميم يقول : صدق الله ورسوله ، أنا أخذت الإناء . ثم قال : يا رسول الله ، إن الله يُظهرك على أهل الأرض كلِّها فهَبْ لي قريةَ عَيْنون من بيت لحم . وهي القرية التي وُلد فيها عيسى ، فكتب له بها كتاباً ، فلمّا قدِم عمرَ الشامَ ِأتاه تميم بكتاب رسول الله . فقال عمر : أنا حاضِرٌ ذلك ، فدفعها إليه .
قرأ حفص والكسائي «استحق » بفتح التاء الحاء ، الباقون «استحق » بضم التاء وكسر الحاء ، وقرأ حمزة وأبو بكر «الأوّلين » بفتح الواو المشدَّدة وفتح النون ، والباقون «الأوليان » بالتثنية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.