{ فَإِنْ عُثِرَ } أي أطلع وظهر ، وأصل العثر الوقوع والسقوط على الشيء ، ومنه قوله : عثرت بكذا إذا أصبته وصدمته ووقعت عليه .
بذات لوث عفرناة إذا عثرت *** فالتعس أدنى لها من أن أقول لعا
يعنى بقوله : عثرت أصاب ميم خفها مجر أو غيره ، ثمّ يستعمل في كل واقع على شيء كان عنه خفياً كقولهم في أمثالهم : عثرت على الغزل بأخرة فلم تدع بنجد قردة .
{ عَلَى أَنَّهُمَا } يعني الوصيين { اسْتَحَقَّآ إِثْماً } أي استوجبا إثماً بأيمانهما الكاذبة وخيانتهما ، { فَآخَرَانِ } من أولياء الميت { يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا } يعني مقام الوصيين { مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ } .
قرأ الحسن وحفص بفتح التاء وهي قراءة علي وأُبي بن كعب أي وجب عليهم الإثم ، يقال حق واستحق بمعنى وقال : { الأَوْلَيَانِ } رجع إلى قوله : فآخران الأوليان ولم يرتفع بالإستحقاق .
وقرأ الباقون : بضم التاء على المجهول يعني الذين استحق فيهم ولأجلهم الإثم وهم ورثة الميت ، استحق الحالفان بسببهم وفيهم الإثم على المعنى في كقوله : { عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ } [ البقرة : 102 ] .
متى ما تنكروها تعرفوها *** على أقطارها علق نفيث
{ الأَوْلَيَانِ } بالجمع قرأه أكثر أهل الكوفة واختيار يعقوب أي من الذين الأولين .
وقرأ الحسن : الأولون ، وقرأ الآخرون الأوليان على لغة الآخرين وإنما جاز ذلك ، الأولان معرفة والآخران بكثرة لأنه حين قال من الذين وحدهما ووصفهما صار كالمعرفة في المعنى .
{ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا } أي واللّه لشهادتنا { أَحَقُّ مِن شَهَادَتِهِمَا } يعني يميننا أحق من يمينهما . نظيره قوله : { فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ } [ النور : 6 ] في قصة اللعان أراد الأيمان ، وهذا كقول القائل : أشهد باللّه وله أقسم { وَمَا اعْتَدَيْنَآ } في يميننا { إِنَّا إِذاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ } ، فلما نزلت هذه الآية قام عمرو بن العاص والمطلب بن وداعة السهميان حلفا باللّه بعد العصر مرّة فدفع الجام إليهما وإلى أولياء الميت ، وكان تميم الداري بعد ما أسلم وبايع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : صدق اللّه عز قوله أنا أخذت الجام فأتوب إلى اللّه وأستغفره .
وإنما انتقل اليمين إلى الأوليان ، لأن الوصيين صح عليهما الإناء ثم ادعيا أنهما ابتاعاه ، وكذلك إذا ادعى الوصي أن الموصي أوصى له بشيء ولم يكن ثم بينة ، وكذلك إذا ادعى رجل قبل رجل مالا فأقرّ المدعي عليه بذلك ، ثم ادعى أنه اشتراها من المدعي أو وهبها له المدعي ، فإن في هذه المسائل واشتباهها يحكم برد اليمين على المدعي .
روى محمد بن إسحاق عن أبي النضير عن باذان مولى أم هاني عن ابن عباس عن تميم الداري ، قال : بعنا الجام بألف درهم فقسمناه أنا وعدي فلما أسلمت تأثمت من ذلك بعد ما حلفت كاذباً ، وأتيت موالي الميت فأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها ، فوثبوا إليه فأتوا به إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ، فسألهم البينة فلم يجدوا . فأمر الموالي أن يحلفوا فحلف عمرو والمطلب فنزعت الخمسمائة من عدي ورددت أنا الخمسمائة فذلك قوله { ذلِكَ أَدْنَى أَن يَأْتُواْ بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَآ } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.