تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

سورة نوح مكية وآياتها ثمان وعشرون ، نزلت بعد سورة النحل . وفيها تفصيل لقصة سيدنا نوح عليه السلام مع قومه ، وكيف جاءهم برسالة من عند ربه وقال { يا قوم إني لكم نذير مبين } وأمرهم بعبادة ربهم وأن يتقوه ويطيعوه ، حتى يغفر لهم الله ذنوبهم ، لكنهم أصروا على الكفر ، وأمعنوا فيه ، واستهزؤوا بنوح وبرسالته .

وقد ذُكر سيدنا نوح في القرآن الكريم في ثلاثة وأربعين موضعا ، وجاء تفصيل عن قصته في سورة هود ، وهنا في سورة نوح . وجادله قومه كثيرا ، وحاول معهم أن يهديهم بشتى الوسائل والطرق ، ولكنهم أبوا ذلك . . . و{ قالوا يا نوح قد جادلتنا فأكثرت جدالنا ، فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين } سورة هود . فرد عليهم بما قصه الله تعالى في قوله : { قال إنما يأتيكم به الله إن شاء وما أنتم بمعجزين ، ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم ، هو ربكم وإليه ترجعون } هود 33 .

وفي سورة نوح هنا يقول : { قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا ، فلم يزدهم دعائي إلا فرارا . . . } .

فلما بلغ نوح درجة اليأس من إيمان بعد تلك المدة الطويلة التي أقامها فيهم يدعوهم ، كان ما قصه الله تعالى بقوله : { وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فلا تبتئس بما كانوا يفعلون } هود36 .

عندئذ توجه نوح إلى ربه بالدعاء عليهم : { رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديّارا ، إنك إن تذرهم يُضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا } .

ثم دعا لنفسه ولوالديه وللمؤمنين والمؤمنات بالمغفرة والرحمة : { رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا } .

لقد أخبر الله تعالى في أول هذه السورة الكريمة أنه أرسل نوحاً إلى قومه لينذرَهم بأسه قبل أن يأتيَهم عذابٌ شديد .