الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

قوله : { أَنْ أَنذِرْ } : يجوزُ أَنْ تكونَ المفسِّرَةَ ، وأَنْ تكونَ المصدريةَ أي : أَرْسَلْناه بالإِنذار . وقال الزمخشري : " والمعنى : أَرْسَلْناه بأَنْ قُلْنا له : أَنْذِرْ أي : أَرْسَلْناه بالأمرِ بالإِنذار " انتهى . وهذا الذي قَدَّره حسنٌ جداً ، وهو جوابٌ عن سؤالٍ قدَّمْتُه في هذا الموضوع : وهو أنَّ قولَهم : " إنَّ " أَنْ " المصدريةَ يجوزُ أَنْ تتوصَّلَ بالأمرِ " مُشْكِلٌ ؛ لأنه يَنْسَبِكُ منها وممَّا بعدَها مصدرٌ ، وحينئذٍ فتفوتُ الدلالةُ على الأمرِ . ألا ترى أنك إذا قَدَّرْت [ في ] كَتَبْتُ إليه بأَنْ قُمْ : كَتَبْتُ إليه القيامَ ، تفوتُ الدلالةُ على الأمرِ حالَ التصريحِ بالأمر ، فينبغي أَنْ يُقَدَّرَ كما قاله الزمخشريُّ أي : كتبتُ إليه بأَنْ قلتُ له : قُمْ ، أي : كتبتُ إليه بالأمرِ بالقيام .