جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

بسم الله الرحمَن الرحيم

القول في تأويل قوله تعالى : { إِنّآ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىَ قَوْمِهِ أَنْ أَنذِرْ قَوْمَكَ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * قَالَ يَقَوْمِ إِنّي لَكُمْ نَذِيرٌ مّبِينٌ * أَنِ اعبُدُواْ اللّهَ وَاتّقُوهُ وَأَطِيعُونِ * يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّرْكُمْ إِلَىَ أَجَلٍ مّسَمّى إِنّ أَجَلَ اللّهِ إِذَا جَآءَ لاَ يُؤَخّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : إنّا أرْسَلْنا نُوحا وهو نوح بن لمَكَ إلى قَوْمِهِ أنْ أنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أنْ يأْتِيَهُمْ عَذَابٌ ألِيمٌ يقول : أرسلناه إليهم بأن أنذر قومك فأن في موضع نصب في قول بعض أهل العربية ، وفي موضع خفض في قول بعضهم . وقد بيّنت العِلل لكلّ فريق منهم ، والصواب عندنا من القول في ذلك فيما مضى من كتابنا هذا ، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ، وهي في قراءة عبد الله فيما ذُكر : «إنَا أرْسَلْنا نُوحا إلى قَوْمِهِ أنْذِرْ قَوْمَكَ » بغير «أن » ، وجاز ذلك لأن الإرسال بمعنى القول ، فكأنه قيل : قلنا لنوح : أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم وذلك العذاب الأليم هو الطوفان الذي غرّقهم الله به .