الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِنَّآ أَرۡسَلۡنَا نُوحًا إِلَىٰ قَوۡمِهِۦٓ أَنۡ أَنذِرۡ قَوۡمَكَ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ} (1)

مقدمة السورة:

مكية ، وهي ثمان وعشرون آية .

قوله تعالى : " إنا أرسلنا نوحا إلى قومه " قد مضى القول في " الأعراف{[15377]} " أن نوحا عليه السلام أول رسول أرسل . ورواه قتادة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أول رسول أرسل نوح وأرسل إلى جميع أهل الأرض ) . فلذلك لما كفروا أغرق الله أهل الأرض جميعا . وهو نوح بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ وهو إدريس بن يرد بن مهلايل بن أنوش بن قينان بن شيث بن آدم عليه السلام . قال وهب : كلهم مؤمنون . أرسل إلى قومه وهو ابن خمسين سنة . وقال ابن عباس : ابن أربعين سنة . وقال عبدالله بن شداد : بعث وهو ابن ثلاثمائة وخمسين سنة . وقد مضى في سورة " العنكبوت{[15378]} " القول فيه . والحمد لله . " أن أنذر قومك " أي بأن أنذر قومك ، فموضع " أن " نصب بإسقاط الخافض . وقيل : موضعها جر لقوة خدمتها مع " أن " . ويجوز " أن " بمعنى المفسرة فلا يكون لها موضع من الإعراب ؛ لأن في الإرسال معنى الأمر ، فلا حاجة إلى إضمار الباء . وقراءة عبدالله " أنذر قومك " بغير " أن " بمعنى قلنا له أنذر قومك . وقد تقدم معنى الإنذار في أول " البقرة{[15379]} " . " من قبل أن يأتيهم عذاب أليم " النار في الآخرة . وقال الكلبي : هو ما نزل عليهم من الطوفان . وقيل : أي أنذرهم العذاب الأليم على الجملة إن لم يؤمنوا . فكان يدعو قومه وينذرهم فلا يرى منهم مجيبا ، وكانوا يضربونه حتى يغشى عليه فيقول ( رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون ) . وقد مضى هذا مستوفى في سورة " العنكبوت{[15380]} " والحمد لله .


[15377]:راجع جـ 7 ص 232.
[15378]:راجع جـ 13 ص 332.
[15379]:راجع جـ 1 ص 184.
[15380]:راجع جـ 13 ص 332.