الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا} (4)

الثامنة- قوله تعالى : " ورتل القرآن ترتيلا " أي لا تعجل{[15502]} بقراءة القرآن بل أقرأه في مهل وبيان مع تدبر المعاني . وقال الضحاك : اقرأه حرفا حرفا . وقال مجاهد : أحب الناس في القراءة إلى الله أعقلهم عنه . والترتيل التنضيد والتنسيق وحسن النظام ، ومنه ثغر رتل ورتل ، بكسر العين وفتحها : إذا كان حسن التنضيد . وتقدم بيانه في مقدمة الكتاب{[15503]} . وروى الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم ، مر برجل يقرأ آية ويبكي ، فقال : ( ألم تسمعوا إلى قول الله عز وجل : " ورتل القرآن ترتيلا " هذا الترتيل ) . وسمع علقمة رجلا يقرأ قراءة حسنة فقال : لقد رتل القرآن ، فداه أبي وأمي ، وقال أبو بكر بن طاهر : تدبر في لطائف خطابه ، وطالب نفسك بالقيام بأحكامه ، وقلبك بفهم معانيه ، وسرك بالإقبال عليه . وروى عبد الله بن عمرو قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( يؤتى بقارئ القرآن يوم القيامة ، فيوقف في أول درج الجنة ويقال له أقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها ) خرجه أبو داود وقد تقدم في أول الكتاب{[15504]} . وروى أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمد صوته بالقراءة مدا .


[15502]:جملة: "لا تعجل" ساقطة من ح.
[15503]:راجع جـ 1 ص 17.
[15504]:راجع جـ 1 ص 8.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا} (4)

قوله : { أو زد عليه } يعني أو زد عليه قليلا إلى الثلثين . فيكون المعنى : قم ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه . وبذلك يكون النبي صلى الله عليه وسلم مخيرا في ذلك بين أمرين : بين أن يقوم أقل من نصف الليل ، وبين أن يختار أحد الأمرين ، وهما النقصان من النصف والزيادة عليه .

قوله : { ورتّل القرآن ترتيلا } الترتيل في القراءة معناه ، الترسّل فيها والتبيين يغير بغي{[4668]} والمعنى : اقرأ القرآن على ترسل وتمهل أو تؤدة . يتبيين حروفه وإشباع حركاته مع تدبر معانيه والابتهاج بجمال نظمه وجمال إعجازه . فلا يقرأه هذّا والهذّ معناه الهدرمة وهي السرعة في القراءة والكلام {[4669]} .

فما ينبغي لقارئ أن يقرأه على عجل ، غير متدبر ولا متذكر ولا مبتهج بل يقرأه متّئدا متمهلا وأن يحسّن الصوت في قراءته . وقد جاء في الحديث " زينوا القرآن بأصواتكم- وليس منا من لم يتغنّ بالقرآن- ولقد آوتي هذا مزمارا من مزامير آل دواد " يعني أبا موسى الأشعري . فقال : لو كنت أعلم أنك تسمع قراءتي لحبرته لك تحبيرا " .


[4668]:مختار الصحاح ص 232.
[4669]:مختار الصحاح ص 693.