{ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } عائدٌ على النصْفِ وقيل : { نِّصْفَهُ } : بدل من قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } قَالَ أبو البَقَاءِ ، وهو أشْبَهُ بظاهرِ الآيةِ ، انتهى . قال ( ع ) : وكَيْفَ مَا تَقَلَّبَ المعنى فإنه أمْر بقيامِ نصفِ الليلِ ، أو أكْثَر شيئاً أو أقَلَّ شيئاً ، فالأكْثر عند العلماء لا يُزِيدُ على الثُّلثَيْنِ ، والأقَلُّ لاَ يَنْحَطُّ عَن الثلثِ ، ويُقَوِّي هذا حديثُ ابنِ عَبَّاسٍ في مَبِيتهِ في بيت ميمونة ؛ قال : فلما انْتَصَفَ الليلُ أو قَبْلَه بقليلٍ أو بعده بقليل ، قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، قال ( ع ) : ويلزمُ على هذا البَدَلِ الذي ذَكَرْنَاه أن يكونَ نصفُ الليل قَدْ وَقَعَ عليه الوصفُ بقليلٍ ، وقَدْ يحتملُ عندي قوله : { إِلاَّ قَلِيلاً } أنْ يكون استثناءً من القيام ، فنجعلُ الليلَ اسْم جِنْسٍ ثم قال : { إِلاَّ قَلِيلاً } أي : إلا الليالي التي تُخِلُّ بقيامِها لعذرٍ ، وَهَذَا النظرُ يَحْسُنُ مَعَ القولِ بالنَّدْبِ جِدًّا ، قال ( ص ) : وهذا النَّظَرُ خلافُ ظاهرِ الآية ، انتهى . والضميرُ في { مِنْهُ } و{ عَلَيْهِ } عائِدَان على النصف .
وقوله سبحانه : { وَرَتِّلِ } : معناه في اللغةِ : تَمَهَّلْ وَفَرِّقْ بَيْنَ الحروفِ ، لَتَبِينَ ، والمقْصِدُ أنْ يَجِدَ الفِكْرُ فُسْحَةً للنَّظَرِ وفَهْمِ المعاني ، وبذلكَ يَرِقُّ القَلْبُ ، ويَفِيضُ عليه النُّورُ والرحمة ، قال ابن كيسان : المُرادُ : تَفْهَمُه تالياً له ، ورُوِي في صحيح الحديث : أن قراءةَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم كانَتْ بيِّنَةً مُتَرسِّلَةً ، لو شاء أحَدُ أنْ يَعُدَّ الحروفَ لعَدَّها ، قال الغزاليُّ في «الإحياء » : واعْلَمْ أنَّ التَرْتِيلَ والتَّؤُدَةَ أقْرَبُ إلى التوقير والاحترامِ ، وأشَدُّ تأثيراً في القلبِ من الهَدْرَمَةِ والاسْتِعْجَالِ ، والمَقْصُودُ مِنَ القراءَةِ التفكُّرُ ، والترتيلُ مُعِينٌ عَلَيْهِ ، وللناس عاداتٌ مختلفة في الخَتْمِ ، وأوْلَى مَا يُرْجَعُ إليه في التقديراتِ قَوْلُ النبي صلى الله عليه وسلم وَقَدْ قَال عليه الصَّلاةُ والسلام : " مَنْ قَرَأَ القُرْآنَ في أَقَلِّ مِن ثَلاَثٍ ، لَمْ يَفْقَهْهُ " ، وذلك لأَنَّ الزيادةَ عليهَا تمنعُ الترتيلَ المطلوبَ ، وقَدْ كَرِهَ جماعةٌ الختمَ في يومٍ ولَيْلَةٍ ، والتفصيلُ في مقدار القراءة أنَّه إنْ كَانَ التالي من العُبَّادِ السالكينَ طريقَ العَمَلِ ، فلا يَنْبَغِي له أن يَنْقُصَ من خَتْمَتَيْنِ في الأُسْبُوعِ ، وإنْ كانَ من السالكينَ بأعْمَالِ القَلْبِ وضرُوب الفِكْر ، أو من المشغولين بِنَشْرِ العلمِ فَلا بأسَ أنْ يَقْتَصِر في الأُسْبُوعِ على ختمةٍ ، وإنْ كَانَ نَافِذَ الفِكْرِ في مَعَانِي القرآن فَقَدْ يكتفِي في الشهر بمرةٍ لحاجَتِهِ إلى كَثْرَةِ التَّرْدِيدِ والتأمُّل ، انتهى . ورَوَى ابنُ المباركِ في «رقائقه » : قال : حدثنا إسماعيل عن أبي المتوكِّل الناجي : " أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَامَ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِآيَةٍ مِنَ القُرْآنِ يُكَرِّرُهَا على نَفْسِهِ " ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.