إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا} (4)

{ أَوْ زِدْ عَلَيْهِ } أي زدِ القيامَ على النصف المقارِنِ له فالمَعْنى تخييرُه عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ بينَ أنْ يقومَ نصفَهُ أو أقلَّ منه أو أكثرَ وقيلَ : قولُه تعالَى نصفَهُ بدلٌ من قليلاً والتخييرُ بحالهِ ، وليس بسديدٍ ، أمَّا أولاً فلأنَّ الحقيقَ بالاعتناءِ الذي ينبئُ عنْهُ الإبدالُ هو الجُزءُ الباقي بعد الثُّنيا المقارِنُ للقيامِ لا الجزءُ المُخَرجُ العارِي عنه ، وأمَّا ثانياً فلأَنَّ نقصَ القيامِ وزيادتَهُ إنما يُعتبرانِ بالقياسِ إلى معياره الذي هو النصفُ المقارِنُ له فلو جُعلَ نصفَهُ بدلاً من قليلاً لزمَ اعتبارُ نقصِ القيامِ وزيادتِه بالقياسِ إلى ما هُو عارٍ عنه بالكُليَّةِ ، والاعتذارُ بتساوي النصفينِ مع كونِه تمحلاً ظاهراً اعترافٌ بأنَّ الحقَّ هو الأولُ . وقيلَ : نصفَهُ بدل من الليل وإلاَّ قليلاً استثناءٌ من النصف ، والضميرُ في منه وعليه للنصف والمعنى التخييرُ بينَ أمرينِ بينَ أن يقومَ أقلَّ من نصف الليلِ على البتاتِ وبينَ أنْ يختارَ أحدَ الأمرينِ وهُمَا النقصانُ من النصفِ والزيادةُ عليهِ . وقيلَ : الضميرانِ للأقلِّ منَ النصفِ كأنَّه قيلَ : قُم أقلَّ من نصفهِ أو قُم أنقصَ من ذلكَ الأقلِّ أو أزيدَ منهُ قليلاً . وقيلَ : والذي يليقُ بجزالة التنزيلِ هو الأولُ والله أعلمُ بما في كتابه الجليلِ . { وَرَتّلِ القرآن } في أثناءِ ما ذُكِرَ من القيامِ أي اقرأْهُ على تُؤدةٍ وتبيين حروفٍ { تَرْتِيلاً } بليغاً بحيثُ يتمكنُ السامعُ من عدِّها من قولِهم ثغرٌ رتْلٌ ورتِلٌ إذا كانَ مُفلَّجاً .