الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَوۡ زِدۡ عَلَيۡهِ وَرَتِّلِ ٱلۡقُرۡءَانَ تَرۡتِيلًا} (4)

وتجعل المزيد على هذا القليل ، أعني الربع ، نصف الربع كأنه قيل : أو زد عليه قليلاً نصفه . ويجوز أن تجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الثلث ، فيكون تخييراً بين النصف والثلث والربع .

فإن قلت : أكان القيام فرضاً أم نفلاً ؟ قلت : عن عائشة رضي اللَّه عنها أنّ الله جعله تطوّعاً بعد أن كان فريضة . وقيل كان فرضاً قبل أن تفرض الصلوات الخمس ، ثم نسخ بهنّ إلا ما تطوّعوا به . وعن الحسن : كان قيام ثلث الليل فريضة ، وكانوا على ذلك سنة . وقيل : كان واجباً ، وإنما وقع التخيير في المقدار ، ثم نسخ بعد عشر سنين . وعن الكلبي : كان يقوم الرجل حتى يصبح مخافة أن لا يحفظ ما بين النصف والثلث والثلثين ؛ ومنهم من قال : كان نفلاً بدليل التخيير في المقدار ، ولقوله تعالى : { وَمِنَ الليل فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ } [ الإسراء : 79 ] ، ترتيل القرآن : قراءته على ترسل وتؤدة بتبيين الحروف وإشباع الحركات ، حتى يجيء المتلوّ منه شبيها بالثغر المرتل : وهو المفلج المشبه بنور الأقحوان ، وألا بهذّه هذا ولا يسرده سرداً ، كما قال عمر رضي الله عنه : شر السير الحقحقة . وشر القراءة الهذرمة ، حتى يشبه المتلو في تتابعه الثغر الألص . وسئلت عائشة رضي الله عنها عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالت : لا كسردكم هذا ، لو أراد السامع أن يعد حروفه لعدها و { تَرْتِيلاً } تأكيد في إيجاب الأمر به ، وأنه ما لا بد منه للقارئ .