الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا} (20)

قوله تعالى : " يحسبون الأحزاب لم يذهبوا " أي لجبنهم ، يظنون الأحزاب لم ينصرفوا وكانوا انصرفوا ، ولكنهم لم يتباعدوا في السير . " وإن يأت الأحزاب " أي وإن يرجع الأحزاب إليهم للقتال . " يودوا لو أنهم بادون في الأعراب " تمنوا أن يكونوا مع الأعراب حذرا من القتل وتربصا للدوائر . وقرأ طلحة بن مصرف " لو أنهم بُدًّى في الأعراب " ، يقال : باد وبدى ، مثل غاز وغزى . ويمد مثل صائم وصوام . بدا فلان يبدو إذا خرج إلى البادية . وهي البداوة والبداوة ، بالكسر والفتح . وأصل الكلمة من البدو وهو الظهور . " يسألون " وقرأ يعقوب في رواية رويس " يتساءلون عن أنبائكم " أي عن أخبار النبي صلى الله عليه وسلم . يتحدثون : أما هلك محمد وأصحابه ، أما غلب أبو سفيان وأحزابه ! أي يوّدوا لو أنهم بادون سائلون عن أنبائكم من غير مشاهدة القتال لفرط جبنهم . وقيل : أي هم أبدا لجبنهم يسألون عن أخبار المؤمنين ، وهل أصيبوا . وقيل : كان منهم في أطراف المدينة من لم يحضر الخندق ، جعلوا يسألون عن أخباركم ويتمنون هزيمة المسلمين . " ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا " أي رميا بالنبل والحجارة على طريق الرياء والسمعة ؛ ولو كان ذلك لله لكان قليله كثيرا .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا} (20)

{ يحسبون الأحزاب لم يذهبوا } { الأحزاب } هنا هم كفار قريش ومن معهم ، فالمعنى أن المنافقين من شدة جزعهم يظنون أن الأحزاب لم ينصرفوا عن المدينة وهم قد انصرفوا .

{ وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب } معنى { يودوا } : يتمنوا ، و{ بادون } : خارجون في البادية والأعراب هم أهل البوادي من العرب فمعنى الآية أنه إن أتى الأحزاب إلى المدينة مرة أخرى تمنى هؤلاء المنافقون من شدة جزعهم أن يكونوا في البادية مع الأعراب وأن لا يكونوا في المدينة بل غائبين عنها يسألون من ورد عليهم عن أنبائكم .