إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا} (20)

{ يَحْسَبُونَ الأحزاب لَمْ يَذْهَبُواْ } أي هؤلاءِ لجبنِهم يظنُّون أنَّ الأحزابَ لم ينهزمُوا ففرُّوا إلى داخلِ المدينةِ { وَإِن يَأْتِ الأحزاب } كرَّةً ثانيةً { يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِى الأعراب } تمنَّوا أنَّهم خارجون إلى البدوِ حاصلون بين الأعرابِ وقرئ بُدَّى جمع بادٍ كغازٍ وغُزَّى { يسْأَلُونَ } كلَّ قادمٍ من جانبِ المدينةِ وقرئ يُساءلون أي يتساءلُون ومعناه يقولُ بعضُهم لبعضٍ ماذا سمعتَ ماذا بلغكَ أو يتساءلُون الأعرابَ كما يقال رأيتُ الهلالَ وتراءيناهُ فإنَّ صيغةَ التَّفاعلِ قد تُجرَّدُ عن معنى كونِ ما أُسندت إليه فاعلاً من وجهٍ ومفعولاً من وجهٍ ويكتفي بتعدُّدِ الفاعلِ كما في المثالِ المذكورِ ونظائرِه { عَنْ أَنبَائِكُمْ } عمَّا جَرَى عليكم { وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ } هذه الكرَّة ولم يرجعوا إلى المدينة وكان قتال { ما قَاتَلُواْ إِلاَّ قَلِيلاً } رياءً وخوفاً من التَّعييرِ .