فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا} (20)

{ يَحْسَبُونَ الأحزاب لَمْ يَذْهَبُواْ } يحسب هؤلاء المنافقون لجبنهم أن الأحزاب باقون في معسكرهم لم يذهبوا إلى ديارهم ، وذلك لما نزل بهم من الفشل والروع { وَإِن يَأْتِ الأحزاب } مرة أخرى بعد هذه المرة { يَوَدُّواْ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ فِي الأعراب } أي يتمنون أنهم في بادية الأعراب لما حلّ بهم من الرهبة ، والبادي خلاف الحاضر ، يقال : بدا يبدو بداوة إذا خرج إلى البادية { يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ } أي عن أخباركم وما جرى لكم ، كل قادم عليهم من جهتكم . أو يسأل بعضهم بعضاً عن الأخبار التي بلغته من أخبار الأحزاب ورسول الله صلى الله عليه وسلم . والمعنى : أنهم يتمنون أنهم بعيد عنكم يسألون عن أخباركم من غير مشاهدة للقتال لفرط جبنهم وضعف نياتهم { وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ مَّا قَاتَلُواْ إِلاَّ قَلِيلاً } أي لو كانوا معكم في هذه الغزوة مشاهدين للقتال ما قاتلوا معكم إلا قتالاً قليلاً خوفاً من العار وحمية على الديار .

/خ25