فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَحۡسَبُونَ ٱلۡأَحۡزَابَ لَمۡ يَذۡهَبُواْۖ وَإِن يَأۡتِ ٱلۡأَحۡزَابُ يَوَدُّواْ لَوۡ أَنَّهُم بَادُونَ فِي ٱلۡأَعۡرَابِ يَسۡـَٔلُونَ عَنۡ أَنۢبَآئِكُمۡۖ وَلَوۡ كَانُواْ فِيكُم مَّا قَٰتَلُوٓاْ إِلَّا قَلِيلٗا} (20)

{ يَحْسَبُونَ الأَحْزَابَ لَمْ يَذْهَبُوا } أي يحسب هؤلاء المنافقون لجبنهم أن الأحزاب أي قريشا وغطفان واليهود باقون في معسكرهم لم يذهبوا إلى ديارهم ، ولم ينهزموا ففروا

إلى داخل المدينة ، وذلك لما نزل بهم من الفشل والروع والفرق والجبن .

{ وَإِن يَأْتِ الأَحْزَابُ } مرة أخرى بعد هذه المرة والذهاب { يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُم بَادُونَ فِي الأَعْرَابِ } أي يتمنون لو أنهم كانوا في بادية لما حل بهم من الرهبة ، والبادي خلاف الحاضر ، يقال : بدا يبدو بداوة إذا خرج إلى البادية وسكنها .

{ يَسْأَلُونَ عَنْ أَنبَائِكُمْ } وأخباركم وما آل إليه أمركم ، وما جرى لكم ، كل قادم عليهم من جهتكم ، أو يسأل بعضهم بعضا عن الأخبار التي بلغته من أخبار الأحزاب ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمعنى أنهم يتمنون أنهم بعيد عنكم يسألون عن أخباركم من غير مشاهدة للقتال ، لفرط جبنهم وضعف نياتهم { وَلَوْ كَانُوا فِيكُم } أي معكم في هذه الغزوة مشاهدين للقتال { مَّا قَاتَلُوا } معكم { إِلا } قتالا { قَلِيلا } خوفا من العار وحمية على الديار ، أو رياء من غير احتساب .