قوله تعالى : " وقالوا أآلهتنا خير أم هو " أي ألهتنا خير أم عيسى ؟ قال السدي . وقال : خاصموه وقالوا إن كل من عبد من دون الله في النار ، فنحن نرضى أن تكون آلهتنا مع عيسى والملائكة وعزير ، فأنزل الله تعالى : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " [ الأنبياء : 101 ] الآية . وقال قتادة : " أم هو " يعنون محمدا صلى الله عليه وسلم . وفي قراءة ابن مسعود " ألهتنا خير أم هذا " . وهو يقوي قول قتادة ، فهو استفهام تقرير في أن آلهتهم خير . وقرأ الكوفيون ويعقوب " أألهتنا " بتحقيق الهمزتين ، ولين الباقون . وقد تقدم . " ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " " ما ضربوه لك إلا جدلا " حال ، أي جدلين . يعني ما ضربوا لك هذا المثل إلا إرادة الجدل ؛ لأنهم علموا أن المراد بحصب جهنم ما اتخذوه من الموت " بل هم قوم خصمون " مجادلون بالباطل . وفي صحيح الترمذي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل - ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية - " ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون " ] .
{ وقالوا أآلهتنا خير أم هو } يعنون بهو عيسى ، والمعنى : أنهم قالوا آلهتنا خير أم عيسى ، فإن كان عيسى يدخل النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معه لأنه خير من آلهتنا ، وهذا الكلام من تمام ما قبله على ما ذكره الزمخشري في تفسير الآية التي قبله ، وأما على ما ذكر ابن عطية فهذا ابتداء معنى آخر ، وحكى الزمخشري في معنى هذه الآية قولا آخر ، وهو : أنهم لما سمعوا ذكر عيسى قالوا نحن أهدى من النصارى لأنهم عبدوا آدميا ونحن عبدنا الملائكة وقالوا آلهتنا وهم الملائكة خير أم عيسى فمقصدهم تفضيل آلهتهم على عيسى .
وقيل : إن قولهم أم هو : يعنون به محمدا صلى الله عليه وسلم ، فإنهم لما قالوا إنما يريد محمد أن نعبده كما عبدت النصارى عيسى قالوا أآلهتنا خير أم هو يريدون تفضيل آلهتهم على محمد ، والأظهر أن المراد { بهو } عيسى وهو قول الجمهور ويدل على ذلك تقدم ذكره .
{ ما ضربوه لك إلا جدلا } أي : ما ضربوا لك هذا المثال إلا على وجه الجدل وهو أن يقصد الإنسان أن يغلب من يناظره سواء غلبه بحق أو بباطل ، فإن ابن الزبعري وأمثاله ممن لا يخفى عليه أن عيسى لم يدخل في قوله تعالى : { حصب جهنم } ، ولكنهم أرادوا المغالطة ، فوصفهم الله بأنهم قوم خصمون .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.