الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيۡرٌ أَمۡ هُوَۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ} (58)

ثم قال تعالى : { وقالوا آلهتنا خير أم هو } ، أي : وقال مشركو قومك يا محمد : ألهتنا خير أم محمد{[61683]} ، فنعبد محمدا ونترك آلهتنا{[61684]} .

وفي حرف أُبي : ( آلهتنا خير أم هذا ){[61685]} ، يعني : محمدا صلى الله عليه وسلم{[61686]} .

وقال السدي معناه : أآلهتنا خير أم عيسى قال : وذلك أنهم خاصموه فقالوا : أتزعم{[61687]} أن كل من عبد من دون الله في النار ، فنحن نرضى{[61688]} أن تكون{[61689]} آلهتنا مع عيسى ابن مريم وعزير{[61690]} والملائكة ، هؤلاء قد عُبدوا من دون الله . قال : فأنزل الله براءة عيسى وشِبْهِهِ في قوله : { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } الآية{[61691]} .

وقوله : { ما ضربوه لك إلا جدلا } ، أي : ما مثلوا لك هذا المثل يا محمد إلا للجدل والخصومة . أي : لم يقولوا هذا على طريق المناظرة ولا على ( وجه التثبت ){[61692]} ، إنما قالوه طلبا للخصومة في الباطل .

وهذا فرق بين الجدال والمناظرة{[61693]} ، لأن المتناظرين{[61694]} كل واحد منهما يطلب الصواب . والمتجادلين{[61695]} إنما يطلبان تثبيت{[61696]} ما لم يتيقنا صحته ، أو ما قد علما باطله . فالمجادل يحاول إثبات الباطل عند نفسه ، والمناظر يحاول إظهار الصواب عند نفسه{[61697]} .

وعن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه قال ) : " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل " {[61698]} .

قال سفيان : ( بل هم قوم خصمون ) ، حدثت أنها نزلت في ابن الزبعرى{[61699]} .


[61683]:(ح): محمدا.
[61684]:في طرة (ت).
[61685]:انظر المحرر الوجيز 14/269 وجامع البيان 25/53. ونسب ابن كثير في تفسيره هذه القراءة إلى ابن مسعود 4/133.
[61686]:ساقط من (ح).
[61687]:(ح): تدعى.
[61688]:في طرة (ح).
[61689]:(ت): يكون.
[61690]:(ح): عزيز.
[61691]:الأنبياء آية 99, وانظر جامع البيان 25/53، والمحرر الوجيز 14/269 وجامع القرطبي 16/104.
[61692]:(ت): جهة التثبيت.
[61693]:(ولا على وجه..الجدال والمناظرة) في طرة (ت).
[61694]:(ح): المناظرين.
[61695]:(ح): المجادلين.
[61696]:(تثبت).
[61697]:انظر إعراب النحاس 4/116.
[61698]:أخرجه الترمذي في كتاب التفسير(تفسير سورة الزخرف) ج 12/133 وقال حديث حسن صحيح. وأخرجه ابن ماجه في المقدمة باب 7 ح 48، وأحمد 5/252، و256، والحاكم في مستدركه 2/448. وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في التلخيص 2/448. ورمز له السيوطي في الجامع الصغير 2/146 بأنه حديث حسن، ووافقه الألباني في صحيح الجامع الصغير 2/984 ح 5633. كلهم عن أبي أمامه بلفظه.
[61699]:انظر التسهيل 4/32 حيث ورد مختصرا.