غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَقَالُوٓاْ ءَأَٰلِهَتُنَا خَيۡرٌ أَمۡ هُوَۚ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلَۢاۚ بَلۡ هُمۡ قَوۡمٌ خَصِمُونَ} (58)

57

{ وقالوا } أي الكفار أهذا خير أم هو يعنون الملائكة خير من عيسى . وثانيها ما مر في آخر الأنبياء أنه حين نزل { أنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم } [ الآية : 98 ] قال ابن الزبعري للنبي صلى الله عليه وسلم : قد علمت أن النصارى يعبدون عيسى وأمه وعزيراً ، فإن كان هؤلاء في النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم . فسكت النبي صلى الله عليه وسلم وخرج القوم وضحكوا وصيحوا فأنزل الله تعالى قوله { إن الذين سبقت لهم منا الحسنى } [ الأنبياء : 101 ] ونزلت هذه الآية أيضاً . والمعنى ولما ضرب ابن الزبعري عيسى ابن مريم مثلاً إذا قومك قريش من هذا المثل يصدون بالكسر والضم أي يرتفع لهم جلبة وصياح فرحاً وسروراً بما رأوا من سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن العادة قد جرت بأن أحد الخصمين إذا انقطع أظهر الخصم الآخر الفرح . { وقالوا آلهتنا } وهي الأصنام { خير أم } عيسى فإذا كان عيسى من حصب النار كان أمر آلهتنا أهون . وقيل : من قرأ بالضم فمن الصدود أي من أجل هذا المثل يمنعون عن الحق . وثالثها أنه صلى الله عليه وسلم لما حكى أن النصارى عبدوا المسيح إلهاً وأن مثله عند الله كمثل آدم ، قال كفار مكة : إن محمداً يريد أن نتخذه إلهاً كما اتخذ النصارى المسيح إلهاً وضجروا وضجوا وقالوا : آلهتنا خير أم هو يعنون محمداً ، وغرضهم أن آلهتهم خير لأنها مما عبدها آباؤهم وأطبقوا عليها فأبطل الله تعالى كلامهم بقوله { ما ضربوه لك إلا جدلاً } أي لم يضربوا هذا المثل لأجلك إلا للجدال والغلبة دون البحث عن الحق { بل هم قوم } من عادتهم الخصومة واللدد .

/خ89