الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يَشۡتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (44)

قوله تعالى : " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب " إلى قوله تعالى : " فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه " الآية{[4533]} . نزلت في يهود المدينة وما والاها . قال ابن إسحاق : وكان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء يهود ، إذا كلم رسول الله صلى الله عليه وسلم لوى لسانه وقال : أرعنا سمعك{[4534]} يا محمد حتى نفهمك ، ثم طعن في الإسلام وعابه فأنزل الله عز وجل " ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب " إلى قوله " قليلا " . ومعنى " يشترون " يستبدلون فهو في موضع نصب على الحال ، وفي الكلام حذف تقديره يشترون الضلالة بالهدى ، كما قال تعالى : " أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى{[4535]} " [ البقرة : 16 ] قاله القتبي وغيره . " ويريدون أن تضلوا السبيل " عطف عليه ، والمعنى تضلوا طريق الحق . وقرأ الحسن : " تضلوا " بفتح الضاد أي عن السبيل .


[4533]:في ج، ط.
[4534]:في ج، ط: سمعا.
[4535]:راجع ج 1 ص 210.