فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يَشۡتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (44)

قوله : { أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين أُوتُوا نَصِيبًا منَ الكتاب } كلام مستأنف ، والخطاب لكل من يتأتى منه الرؤية من المسلمين . والنصيب : الحظّ ، والمراد : اليهود أوتوا نصيباً من التوراة . وقوله : { يَشْتَرُونَ } جملة حالية ، والمراد بالاشتراء : الاستبدال ، وقد تقدم تحقيق معناه . والمعنى : أن اليهود استبدلوا الضلالة ، وهي : البقاء على اليهودية ، بعد وضوح الحجة على صحة نبوّة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم . قوله : { وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّوا السبيل } عطف على قوله : { يَشْتَرُونَ } مشارك له في بيان سوء صنيعهم ، وضعف اختيارهم ، أي : لم يكتفوا بما جنوه على أنفسهم من استبدال الضلالة بالهدى ، بل أرادوا مع ضلالهم أن يتوصلوا بكتمهم وجحدهم إلى أن تضلوا أنتم أيها المؤمنون السبيل المستقيم ، الذي هو سبيل الحق .

/خ48