تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يَشۡتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (44)

الآية 44 وقوله تعالى : { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا } يقول : أعطوا حظا من علم { الكتاب } وهم علماؤهم { يشترون الضلالة } بعلم الكتاب . ويحتمل { يشترون الضلالة } بالهدى ، وكذلك قيل في حرف حفصة على ما ذكر في غير هذه الآية { اشتروا الضلالة بالهدى } ( البقرة 16 و135 وذلك أنهم كانوا ( آمنوا بمحمد ){[5687]} صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث فلما لم يبعث على هواهم كفروا به كقوله تعالى : { ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به } ( البقرة 89 ) ويحتمل يشترون ضلال غيرهم بالتحريف والرشا وغير ذلك كقوله تعالى : { ينفقون أموالهم ليصدوا عم سبيل الله } ( الأنفال 36 ) وقوله : { اتبعوا سبيلا } ( العنكبوت 12 ألم تر حرف التعجيب عن أمر قد بلغه ، فيخرج مخرج التذكير ، أو لم يبلغه فيخرج مخرج التعليم ؟ والله أعلم .

وقوله تعالى : { ويريدون أن تضلوا السبيل } يحتمل وجهين : { ويريدون } أي يتمون { أن تضلوا السبيل } لتدوم ، لهم الرئاسة والسياسة ، إذ كانت لهم الرئاسة على من كان على دينهم ، ولم يكن لهم ذلك على من لم يكن على دينهم ، فتمنوا أ ن يكونوا على دينهم لتكون لهم الرئاسة عليهم وقيل : { ويريدون ان تصلوا السبيل } أي يأمرونهم ويدعونهم إلى دينهم لما ذكرنا في طلب المنافع وإبقاء الرئاسة والله أعلم .


[5687]:في الأصل و م: أمنوا محمدا.