فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يَشۡتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (44)

{ ألم تر الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة ويريدون أن تضلوا السبيل ( 44 ) والله أعلم بأعدائكم وكفى بالله وليا وكفى بالله نصيرا ( 45 ) }

{ ألم تر } كلام مستأنف مسوق لتعجيب المؤمنين من سوء حال اليهود والتحذير من موالاتهم لكل من تتأتى منه الرؤية من المسلمين ، وتوجيهه إليه صلى الله عليه وسلم هنا مع توجيهه فيما بعد إلى الكل معا للإيذان بكمال شهرة شناعة حالهم ، وأنها بلغت من الظهور إلى حيث يتعجب منها كل من يراها ، والرؤية هنا بصرية .

{ إلى الذين أوتوا نصيبا } حظا { من الكتاب } التوراة والمراد أحبار اليهود { يشترون الضلالة } وهي البقاء على اليهودية بالهدى أي بعد وضوح الحجة على صحة نبوة نبينا صلى الله عليه سلم ، وقيل يأخذون الرشا ويحرفون التوراة .

{ ويريدون أن تضلوا السبيل } عطف على قوله يشترون مشارك له في بيان سوء صنيعهم وضعف اختيارهم ، أي لم يكتفوا ما جنوه على أنفسهم من استبدال الضلالة بالهدى ، بل أرادوا مع ضلالهم أن يتوصلوا بكتمهم وجحدهم إلى أن تضلوا أنتم أيها المؤمنون السبيل المستقيم الذي هو سبيل الحق ، قال تعالى { ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء } .