غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبٗا مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ يَشۡتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ} (44)

41

ثم إنه سبحانه لما ذكر من أول السورة إلى ههنا أحكاماً كثيرة عدل إلى ذكر طرف من آثار المتقدمين وأحوالهم ، لأنّ الانتقال من أسلوب إلى أسلوب مما يزيد السامع هزة وجدة فقال : { ألم تر إلى الذين } أي ألم ينته علمك ؟ أو ألم تنظر إلى من أتوا حظاً من علم التوراة وهم أحبار اليهود ؟ وإنما أدخل " من " التبعيضية لأنهم عرفوا من التوراة نبوة موسى ولم يعرفوا منها نبوة محمد صلى الله عليه وسلم . فأما الذين أسلموا منهم كعبد الله بن سلام وأضرابه فقد وصفهم بأن معهم على الكتاب في قوله :{ قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب }[ الرعد :43 ] لأنهم عرفوا الأمرين جميعاً { يشترون الضلالة } يختارونها لأن من اشترى شيئاً فقد آثره واختاره قاله الزجاج . والمراد تكذيبهم الرسول صلى الله عليه وسلم لأغراضهم الفاسدة من أخذ الرشا وحب الرياسة . وقيل : المراد يستبدلون الضلالة - وهو البقاء على اليهودية - بالهدى - وهو الإسلام - بعد وضوح الآيات لهم على صحته . { ويريدون أن تضلوا } أنتم أيها المؤمنون سبيل الحق كما ضلوه ، ولا أقبح ممن جمع بين هذين الأمرين ، الضلال والإضلال . عن ابن عباس أن الآية نزلت في حبرين من أحبار اليهود كانا يأتيان رأس المنافقين عبد الله بن أبي ورهطه فيثبطانهم عن الإسلام . وقيل : المراد عوام اليهود كانوا يعطون أحبارهم بعض أموالهم لينصروا اليهودية فكأنهم اشتروا بمالهم الشبهة والضلالة

/خ57