الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{قُلۡ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشۡهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَاۖ فَإِن شَهِدُواْ فَلَا تَشۡهَدۡ مَعَهُمۡۚ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} (150)

قوله تعالى : " قل هلم شهداءكم " أي قل لهؤلاء المشركين أحضروا شهداءكم على أن الله حرم ما حرمتم . و " هلم " كلمة دعوة إلى شيء ، ويستوي فيه الواحد والجماعة والذكر والأنثى عند أهل الحجاز ، إلا في لغة نجد فإنهم يقولون : هلما هلموا هلمي ، يأتون بالعلامة كما تكون في سائر الأفعال . وعلى لغة أهل{[6858]} الحجاز جاء القرآن ، قال الله تعالى : " والقائلين لإخوانهم هلم إلينا{[6859]} " [ الأحزاب : 18 ] يقول : هلم أي أحضر أو ادن . وهلم الطعام ، أي هات الطعام . والمعنى ههنا : هاتوا شهداءكم ، وفتحت الميم لالتقاء الساكنين ، كما تقول : رد يا هذا ، ولا يجوز ضمها ولا كسرها . والأصل عند الخليل " ها " ضمت إليها " لم " ثم حذفت الألف لكثرة الاستعمال . وقال غيره . الأصل " هل " زيدت عليها " لم " . وقيل : هي على لفظها تدل على معنى هات . وفي كتاب العين للخليل : أصلها هل أؤم ، أي هل أقصدك ، ثم كثر استعمالهم إياها حتى صار المقصود بقولها : احضر{[6860]} كما أن تعال{[6861]} أصلها أن يقولها المتعالي للمتسافل ، فكثر استعمالهم إياها حتى صار المتسافل يقول للمتعالي تعال .

قوله تعالى : " فإن شهدوا " أي شهد بعضهم لبعض " فلا تشهد معهم " أي فلا تصدق أداء الشهادة إلا من كتاب أو على لسان نبي ، وليس معهم شيء من ذلك .


[6858]:من ك.
[6859]:راجع ج 14 ص 151.
[6860]:من ب و ك.
[6861]:من ب و ك.