تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشۡهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَاۖ فَإِن شَهِدُواْ فَلَا تَشۡهَدۡ مَعَهُمۡۚ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} (150)

الآية 150 وقوله تعالى : { هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا } الذي تحرمون أنتم من الوصيلة والسائبة والحامي ، وما حرموا من الحرث والأنعام { فإن شهدوا } أن الله حرمه { فلا تشهد معهم } كيف قال : { هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا } ؟ دعاهم إلى أن يأتوا بالحجة ؛ فإذا أقاموها{[7910]} لا تشهد معهم .

ولكن هذا ، والله أعلم ، أنهم يعلمون أن التحريم إلى الله ليس إلى أحد من الخلائق { فإن شهدوا } بأنه حرم { فلا تشهد معهم } فإنهم شهدوا بباطل . ويحتمل أن يكون أمره أن يسألهم شهداء من أهل الكتاب يشهدون لهم بأن الله حرم هذا ؛ لأن هؤلاء كانوا أهل شرك ، وعبدة الأوثان يسألون أهل الكتاب ، وأهل الرسل{[7911]} ، يشهدون لهم بذلك . { فإن شهدوا فلا تشهد معهم } أي [ فلا يشهدوا ] لهم بذلك ، فلا تشهد أنت أيضا معهم على الإخبار أنهم لا يشهدون .

وهو كقوله تعالى : { لئن أخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم } الآية [ الحشر : 12 ] أخبر عن المنافقين أنهم قالوا : { لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحدا أبدا وإن قوتلتم لننصرنكم والله يشهد إنهم لكاذبون } [ الحشر : 11 ] ثم أخبر عنهم أنهم { ولئن نصروهم ليولن الأدبار } الآية [ الحشر : 12 ] لكنه أخبر أنهم /165-أ/ لا يقاتلون رأسا ، وإلا { ولئن نصروهم ليولن الأدبار } [ الحشر : 12 ] فعلى ذلك قوله تعالى : { هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم } لأنهم لا يشهدون ، والله أعلم .

ويشبه أن يسألوا حتى يأتوا بآبائهم حتى يشهدوا ؛ لأنهم كانوا يقولون : { وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها } [ الأعراف : 28 ] وإن الله رضي بصنيع آبائنا [ حين لم يهلكهم ]{[7912]} ، وتركهم على ذلك ، فيسألون أن يأتوا بأولئك حتى يكونوا هم الذين يشهدون على ذلك ، فلن يجدوا إلى ذلك سبيلا أبدا . وهو كقوله تعالى : { وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين } [ البقرة : 23 ] فلا يجدون [ سبيلا إلى ذلك ]{[7913]} أبدا .

وقوله تعالى : { ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا } دل أنما كانوا يحرمون إنما يحرمون بهواهم لا بحجة وبرهان { والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون } أي يعدلون الأصنام في العبادة والألوهية بربهم .


[7910]:- في الأصل وم: قاموها.
[7911]:- في الأصل وم: رسل.
[7912]:- في الأصل: حيث لم يهلكم، في م: حيث لم يهلكم.
[7913]:- ساقطة من الأصل وم.