فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{قُلۡ هَلُمَّ شُهَدَآءَكُمُ ٱلَّذِينَ يَشۡهَدُونَ أَنَّ ٱللَّهَ حَرَّمَ هَٰذَاۖ فَإِن شَهِدُواْ فَلَا تَشۡهَدۡ مَعَهُمۡۚ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَآءَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِـَٔايَٰتِنَا وَٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِ وَهُم بِرَبِّهِمۡ يَعۡدِلُونَ} (150)

{ قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا فإن شهدوا فلا تشهد معهم ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا والذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون 150 } .

{ قل هلم شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا } أمره الله سبحانه أن يقول لهؤلاء المشركين هاتوهم وأحضروهم ، قال السدي : أروني شهداءكم وهلم اسم فعل يستوي فيه المذكر والمؤنث والمفرد والمثنى والمجموع عند أهل الحجاز وأهل نجد يقولون هلما هلمي هلموا فينطقون به كما ينطقون بسائر الأفعال وبلغة أهل الحجاز نزل القرآن ومنه قوله تعالى : { والقائلين لأخوانهم هلم إلينا } والأصل عند الخليل ها ضمت إليها لم .

وقال غيره أصلها هل زيدت عليه الميم ، وفي كتاب العين للخليل أن أصلها هل أؤم أي هل أقصدك ، ثم كثر استعمالهم لها ، وهذا أيضا من باب التبكيت لهم حيث يأمرهم بإحضار الشهود على أن الله حرم تلك الأشياء مع علمه أنه لا شهود لهم لتلزمهم الحجة ، ويظهر ضلالهم ، وأن لا متمسك لهم سوى تقليدهم ، ولذلك قيد الشهداء بالإضافة إليهم الدالة على أنهم شهداء معروفون بالشهادة لهم وهم قدوتهم الذين ينصرون قولهم .

{ فإن شهدوا } لهم بغير علم بل مجازفة وتعصبا { فلا تشهد معهم } أي فلا تصدقهم ولا تسم لهم { ولا تتبع أهواء الذين كذبوا بآياتنا } فإنهم رأس المكذبين بها { و } لا تتبع أهواء { الذين لا يؤمنون بالآخرة وهم بربهم يعدلون } أي يجعلون له عدلا من مخلوقاته كالأوثان ويشركون .