قوله تعالى : " وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر " تكلم العلماء في هذا ، فقال أبو بكر محمد بن محمد بن الحسن الجويني الشافعي الأشعري في النكت من التفسير له : وليس بين الناس اختلاف ، كأن اسم والد إبراهيم تارح{[6493]} . والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر . وقيل : آزر عندهم ذم في لغتهم ، كأنه قال : وإذ قال لأبيه يا مخطئ " أتتخذ أصناما آلهة " وإذا كان كذلك فالاختيار الرفع . وقيل : آزر اسم صنم . وإذا كان كذلك فموضعه نصب على إضمار الفعل ، كأنه قال : وإذ قال إبراهيم لأبيه أتتخذ آزر إلها ، أتتخذ أصناما آلهة .
قلت : ما ادعاه من الاتفاق ليس عليه وفاق ، فقد قال محمد بن إسحاق والكلبي والضحاك : إن آزر أبو إبراهيم عليه السلام وهو تاريخ ، مثل إسرائيل ويعقوب . قلت{[6494]} فيكون له اسمان كما تقدم . وقال مقاتل : آزر لقب ، وتارخ اسم ، وحكاه الثعلبي عن ابن إسحاق القشيري ويجوز أن يكون على العكس . قال الحسن : كان اسم أبيه آزر . وقال سليمان التيمي : هو سب وعيب ، ومعناه في كلامهم : المعوج . وروى المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : بلغني أنها أعوج ، وهي أشد كلمة قالها إبراهيم لأبيه . وقال الضحاك : معنى آزر الشيخ الهم{[6495]} بالفارسية . وقال الفراء : هي صفة ذم بلغتهم ، كأن قال يا مخطئ ؛ فيمن رفعه . أو كأنه قال : وإذ قال إبراهيم لأبيه المخطئ ، فيمن خفض . ولا ينصرف لأنه على أفعل . قاله النحاس . وقال الجوهري : آزر اسم أعجمي ، وهو مشتق من آزر فلان فلانا إذا عاونه ، فهو مؤازر قومه على عبادة الأصنام وقيل : هو مشتق من القوة ، والأزر القوة ، عن ابن فارس . وقال مجاهد ويمان : آزر اسم صنم . وهو في هذا التأويل في موضع نصب ، التقدير : أتتخذ آزر إلها ، أتتخذ أصناما . وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ، التقدير : أتتخذ آزر أصناما .
قلت : فعلى هذا آزر اسم جنس . والله أعلم . وقال الثعلبي في كتاب العرائس : إن اسم أبي إبراهيم الذي سماه به أبوه تارح ، فلما صار مع النمروذ قيما على خزانة آلهته سماه آزر{[6496]} . وقال مجاهد : إن آزر ليس باسم أبيه وإنما هو اسم صنم . وهو إبراهيم بن تارح بن ناخور بن ساروع بن أوغو بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام . و " آزر " فيه قراءات : " أإزرا " بهمزتين ، الأولى مفتوحة والثانية مكسورة . عن ابن عباس . وعنه " أأزرا " بهمزتين مفتوحتين . وقرئ بالرفع ، وروي ذلك عن ابن عباس . وعلى القراءتين الأوليين عنه " تتخذ " بغير همزة . قال المهدوي : أإزرا ؟ فقيل : إنه اسم صنم ، فهو منصوب على تقدير أتتخذ إزرا ، وكذلك أأزرا . ويجوز أن يجعل أإزرا على أنه مشتق من الأزر ، وهو الظهر فيكون مفعولا من أجله ، كأنه قال : أللقوة تتخذ أصناما . ويجوز أن يكون إزر بمعنى وزر ، أبدلت الواو همزة . قال القشيري : ذكر في الاحتجاج على المشركين قصة إبراهيم ووده على أبيه في عبادة الأصنام . وأولى الناس بأتباع إبراهيم العرب ، فإنهم ذريته . أي واذكر إذ قال إبراهيم . أو " وذكر به أن تبسل نفس بما كسبت " [ الأنعام : 70 ] وذكر إذ قال إبراهيم . وقرئ " آزر " أي يا آزر ، على النداء المفرد ، وهي قراءة أبي ويعقوب وغيرهما . وهو يقوي قول من يقول : إن آزر اسم أب إبراهيم . " أتتخذ أصناما آلهة " مفعولان لتتخذ{[6497]} وهو استفهام فيه معنى الإنكار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.