فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{۞وَإِذۡ قَالَ إِبۡرَٰهِيمُ لِأَبِيهِ ءَازَرَ أَتَتَّخِذُ أَصۡنَامًا ءَالِهَةً إِنِّيٓ أَرَىٰكَ وَقَوۡمَكَ فِي ضَلَٰلٖ مُّبِينٖ} (74)

{ وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين 74 وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين 75 } .

{ وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر } اختلف أهل العلم في لفظة آزر ، قال الجوهري آزر اسم أعجمي وهو مشتق من آزر فلان فلانا إذا عاونه فهو موازر قومه على عبادة الأصنام ، وقال ابن فارس : أنه مشتق من القوة قال الجويني : في النكت من التفسير أنه ليس بين الناس اختلاف في أن اسم والد إبراهيم تارخ ضبطه بعضهم بالحاء المهملة وبعضهم بالخاء المعجمة ، والذي في القرآن يدل على أن اسمه آزر ، وقد تعقب في دعوى الاتفاق بما روي عن ابن إسحق والضحاك والكلبي أنه كان له اسمان آزر وتارخ وقال مقاتل : آزر لقب وتارخ اسم .

وقال البخاري في تاريخه الكبير : إبراهيم بن آزر وهو في التوراة تارخ والله سماه آزر ، وإن كان عند النسابين والمؤرخين اسمه تارخ ليعرف بذلك وكان من كوثي وهي قرية من سواد الكوفة .

وقال سليمان التيمي : إن آزر سب وعتب ومعناه في كلامهم المعوج ، وقال الضحاك : معنى آزر الشيخ الهرم بالفارسية ، وهذا على مذهب من يجوز أن في القرآن ألفاظا قليلة فارسية ، وقال الفراء : هي صفة ذم بلغتهم كأنه قال يا مخطئ وروى مثله عن الزجاج وعن السدي قال اسم أبيه تارخ واسم الصنم آزر .

وقال ابن عباس : الآزر الصنم وأبو إبراهيم اسمه يازر ، وأمه اسمها مثلى ، وامرأته اسمها سارة وسريته أم إسماعيل اسمها هاجر ، وقال سعيد بن المسيب ومجاهد : إما للتعبير له لكونه معبوده أو على حذف مضاف أي قال لأبيه عابد آزر أو تعبد آزر على حذف الفعل .

والصحيح أن آزر اسم لأبي إبراهيم لأن الله سماه به وعليه جرى جمهور المفسرين ، وما نقل عن النسابين والمؤرخين أن اسمه تارخ ففيه نظر ، لأنهم إنما نقلوه من أهل الكتاب ولا عبرة بنقلهم .

وقد أخرج البخاري في أفراده من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( يلقى إبراهيم عليه السلام أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة ) {[703]} ، الحديث وسماه النبي صلى الله عليه وسلم أيضا ولا قول لأحد مع قول الله تعالى ورسله كائنا من كان .

والمعنى أذكر إذ قال إبراهيم لآزر { أتتخذ أصناما } جمع صنم وهو التمثال والوثن بمعنى ، وهو الذي يتخذ من خشب أو حجارة أو حديد أو ذهب أو فضة على صورة الإنسان أي أتجعلها { آلهة } لك تعبدها من دون الله الذي خلقك ورزقك { إني أراك } الرؤية إما علمية وإما بصرية ، والجملة تعليل للإنكار والتوبيخ { وقومك } المتبعين لك في عبادة الأصنام { في ضلال } عن طريق الحق { مبين } واضح بين لأن هذه الأصنام لا تضر ولا تنفع .


[703]:صحيح الجامع الصغير 8014.