الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{فَسَنُيَسِّرُهُۥ لِلۡيُسۡرَىٰ} (7)

الثانية- قوله تعالى : " فسنيسره لليسرى " أي نرشده لأسباب الخير والصلاح ، حتى يسهل عليه فعلها . وقال زيد بن أسلم : " لليسرى " للجنة . وفي الصحيحين والترمذي عن علي رضي اللّه عنه قال : كنا في جنازة بالبقيع ، فأتى النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فجلس وجلسنا معه ، ومعه عود ينكت به في الأرض ، فرفع رأسه إلى السماء فقال : [ ما من نفس منفوسة إلا قد كتب مدخلها ] فقال القوم : يا رسول اللّه ، أفلا نتكل على كتابنا ؟ فمن كان من أهل السعادة فانه يعمل للسعادة ، ومن كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء . قال : [ بل اعملوا فكل ميسر ، أما من كان من أهل السعادة فإنه ييسر لعمل السعادة ، وأما من كان من أهل الشقاء فإنه ييسر لعمل الشقاء - ثم قرأ - " فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى ، فسنيسره لليسرى ، وأما من بخل واستغنى ، وكذب بالحسنى ، فسنيسره للعسرى " ] لفظ الترمذي . وقال فيه : حديث حسن صحيح . وسأل غلامان شابان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالا : العمل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ؟ أم في شيء يستأنف ؟ فقال عليه السلام : [ بل فيما جفت به الأقلام ، وجرت به المقادير ] قالا : ففيم العمل ؟ قال : [ اعملوا ، فكل ميسر لعمل الذي خلق له ] قالا : فالآن نجد ونعمل .