لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

قوله جل ذكره : { أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآَثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ } . . الآيات .

أمَرَهم بالاعتبار بِمَنْ كانُوا قبلهُمْ ؛ كانوا أشدّ قوةً وأكثر أموالاً وأطولَ أعماراً ، فانجرُّوا في حِبَالِ آمالهم ، فوقعوا في وهْدَة غرورهم ، وما في الحقُّ عن مراده فيهم ، واغتروا بسلامتهم في مُدّةِ ما أرخينا لهم عنان إمهالهم ، ثم فاجأناهُم بالعقوبة ، فلم يُعْجِزُوا لله في مُرادِه منهم .

فلمَّا رأوا شِدَّةَ البأسِ ، ووقعوا مذلّةِ الخيبة واليأس تمنّوا أن لو أُعيدُوا إلى الدنيا من الرأس . . فقابلهم الله بالخيبة ؛ وخرطهم في سِلكِ مَن أبادهم من أهل الشِّرْكِ والسّخْطِ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَمۡ يَكُ يَنفَعُهُمۡ إِيمَٰنُهُمۡ لَمَّا رَأَوۡاْ بَأۡسَنَاۖ سُنَّتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدۡ خَلَتۡ فِي عِبَادِهِۦۖ وَخَسِرَ هُنَالِكَ ٱلۡكَٰفِرُونَ} (85)

{ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا } أي : في تلك الحال ، وهذه { سُنَّةَ اللَّهِ } وعادته { الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبَادِهِ } أن المكذبين حين ينزل بهم بأس الله وعقابه إذا آمنوا ، كان إيمانهم غير صحيح ، ولا منجيًا لهم من العذاب ، وذلك لأنه إيمان ضرورة ، قد اضطروا إليه ، وإيمان مشاهدة ، وإنما الإيمان النافع الذي ينجي صاحبه ، هو الإيمان الاختياري ، الذي يكون إيمانًا بالغيب ، وذلك قبل وجود قرائن العذاب .

{ وَخَسِرَ هُنَالِكَ } أي : وقت الإهلاك ، وإذاقة البأس { الْكَافِرُونَ } دينهم ودنياهم وأخراهم ، ولا يكفي مجرد الخسارة ، في تلك الدار ، بل لا بد من خسران يشقي في العذاب الشديد ، والخلود فيه ، دائما أبدًا .

تم تفسير سورة المؤمن بحمد الله ولطفه ومعونته ، لا بحولنا وقوتنا ، فله الشكر والثناء