لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةٗ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَيُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗا} (7)

ما على الأرض زينة لها تُدْرَكُ بالأبصار ، وممن على الأرض من هو زينة لها يُعْرَفُ بالأسرار . وإنَّ قيمةَ الأوطانِ لقُطَّانها ، وزينة المساكن في سُكَّانها .

ويقال العُبَّاد بهم زينة الدنيا ، وأهلُ المعرفة بهم زينة الجنة .

ويقال الأولياءُ زينةُ الأرض وهم أَمانُ مَنْ في الأرض .

ويقال إذا تلألأت أنوار التوحيد في أسرار الموحدين أشرقت جميع الآفاق بضيائهم .

قوله جلّ ذكره : { لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً } .

أحسنهم عملاً أصدقهم نِيَّة ، وأخلصهم طوية .

ويقال أحسنهم عملاً أكثرهم احتساباً ؛ إذ لا ثوابَ لمن لا حسبة له ، أعلى من هذا بل وأَوْلى من هذا فأحسنهم عملاً أشدُّهم استصغاراً لفعله ، وأكثرهم استحقاراً لطاعته ؛ لشجة رؤيته لتقصير فيما يعمله ، ولانتقاصه أفعاله في جنب ما يستوجبه الحقُّ بحقِّ أمره .

ويقال أحسنُ أعمال المرءِ نَظَرُه إلى أعماله بعين الاستحقار والاستصغار ، لقول الشاعر :

وأكبرهُ من فِعْله وأعظمُه *** تصغيرُه فِعْلَه الذي فَعَله .

معناه : أكبرُ مِنْ فعلِه - الذي هو عطاؤه وبَذْلُه - تقليلُه واستصغارُه لِمَا يُعْطِيه ويجود به .