وارتباط قوله { إنّا جعلنا } الآية بما قبلها هو على سبيل التسلية للرسول صلى الله عليه وسلم لأنه تعالى أخبر أنه خلق ما على الأرض من الزينة للابتلاء والاختبار أي الناس { أحسن عملاً } فليسوا على نمط واحد في الاستقامة واتباع الرسل ، بل لا بد أن يكون فيهم من هو أحسن عملاً ومن هو أسوأ عملاً ، فلا تغتم وتحزن على من فضلت عليه بأنه يكون أسوأ عملاً ومع كونهم يكفرون بي لا أقطع عنهم موادّ هذه النعم التي خلقتها .
و { جعلنا } هنا بمعنى خلقنا ، والظاهر أن ما يراد بها غير العاقل وأنه يراد به العموم فيما لا يعقل .
وقيل : لا يدخل في ذلك ما كان فيه إيذاء من حيوان وحجر ونبات لأنه لا زينة فيه ، ومن قال بالعموم قال فيه { زينة } من جهة خلقه وصنعته وإحكامه .
وقيل : المراد بما هنا خصوص ما لا بعقل .
وقيل : النبات لما فيه من الاختلاف والأزهار .
وقيل : الحيوان المختلف الأشكال والمنافع والأفعال .
وقيل : الذهب والفضة والنحاس والرصاص والياقوت والزبرجد والجوهر والمرجان وما يجري مجرى ذلك من نقائس الأحجار .
وقال الزمخشري : { ما على الأرض } يعني ما يصلح أن يكون { زينة لها } ولأهلها من زخارف الدنيا وما يستحسن منها .
وقالت : فرقة أراد النعيم والملابس والثمار والخضرة والمياه .
وقيل : { ما } هنا لمن يعقل ، فعن مجاهد هو الرجال وقاله ابن جبير عن ابن عباس وروى عكرمة أن الزينة الخلفاء والعلماء والأمراء .
وانتصب { زينة } على الحال أو على المفعول من أجله إن كان { جعلنا } بمعنى خلقنا ، وأوجدنا ، وإن كانت بمعنى صيرنا فانتصب على أنه مفعول ثان .
واللام من { لنبلوهم } تتعلق بجعلنا ، والابتلاء الاختبار وهو متأوّل بالنسبة إلى الله تعالى .
والضمير في { لنبلوهم } إن كانت ما لمن يعقل فهو عائد عليها على المعنى ، وأن لا يعود على ما يفهم من سياق الكلام وهو سكان الأرض المكلفون و { أيهم } يحتمل أن يكون الضمير فيها إعراباً فيكون { أيهم } مبتدأ و { أحسن } خبره .
والجملة في موضع المفعول { لنبلوهم } ويكون قد علق { لنبلوهم } إجراءً لها مجرى العلم لأن الابتلاء والاختبار سبب للعلم ، كما علقوا سل ، وانظر البصرية لأنهما سببان للعلم . وإلى أن الجملة استفهامية مبتدأ وخبر ذهب الحوفي ، ويحتمل أن تكون الضمة فيها بناء على مذهب سيبويه لوجود شرط جواز البناء في أي .
وهو كونها مضافة قد حذف صدر صلتها ، فأحسن خبر مبتدأ محذوف فتقديره هو { أحسن } ويكون { أيهم } في موضع نصب بدلاً من الضمير في { لنبلوهم } ، والمفضل عليه محذوف تقديره ممن ليس { أحسن عملاً } .
وقال الثوري أحسنهم عملاً أزهدهم فيها .
وقال أبو عاصم العسقلاني : أََترك لها .
وقال الزمخشري : حسن العمل الزهد فيها وترك الاغترار بها .
وقال أبو بكر غالب بن عطية : أحسن العمل أخذ بحق مع الإيمان وأداء الفرائض واجتناب المحارم والإكثار من المندوب إليه .
وقال القاسم بن محمد ما عليها من الأنبياء والعلماء ليبلوَ المرسل إليهم والمقلدين للعلماء أيهم أحسن قبولاً وإجابة .
وقال سهل : أحسن توكلاً علينا فيها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.