تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةٗ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَيُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗا} (7)

الآية7 : وقوله تعالى : { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } اختلف ما أخبر أنه جعل للأرض زينة :

قال بعضهم : كل ما على وجه الأرض من النبات والشجر و الإنسان وغيره هو زينة لها { لنبلوهم أيهم أحسن عملا } فإن كان التأويل على هذا فيكون قوله : { وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا } ( الكهف : 8 ) القيامة ؛ يعني جميع ما على وجه الأرض يبقى{[11387]} قاعا صَفْصَفاً ، وذلك إخبار عن القيامة .

وقال بعضهم : { زينة } هو النبات الذي{[11388]} عليها ، وما جعل لهم من الرزق ليبلوهم بما جعل لهم من الأرزاق بالأمر والنهي والعبادات وغيرها{[11389]} ، لم يجعل ذلك النبات عليها وتلك الأرزاق مجانا{[11390]} ، ولكن ليختبرهم ، ويبتليهم بأنواع الامتحان . فإذا كان كذلك ففيه دلالة أن ليس لأحد أن يتناول{[11391]} مما عليها إلا بإذن ( أربابها ){[11392]} ، ولا يُقْدِمُ على شيء منها إلا بأمر من أربابها .

وقال أبو بكر عبد الرحمن بن كيسان : { زينة لها } أهلها ، جعل لك ليبلوهم . ذكر ههنا أنه جعل ما على الأرض ليبلوهم { وأيهم أحسن عملا } وقال في آية أخرى { الذي خلق الموت ليبلوكم أيكم أحسن عملا } ( الملك : 2 ) .

ثم من الناس من يجمع بين الآيتين ، فيقول : جعل الحياة للابتلاء والموت للجزاء ، فيستدل على ذلك بقوله : { إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم } بالزينة والحياة لا بالضيق والموات .

ومنهم من يقول : امتحَنُهُم بهما جميعا بالحياة لِيَتَزَوَّدُوا فيها لما بعد الموت كما يتزودون{[11393]} في حال السعة والرخاء لحال{[11394]} الضيق

والشدة . فمن لم يتزود في حال السعة فلا زاد له في حال الضيق . فعلى من لم يتزود في الحياة فلا زاد له بعد الموت .


[11387]:في الأصل و.م: فيبقى.
[11388]:في الأصل و.م: التي.
[11389]:في الأصل و.م: وغيره.
[11390]:من م، في الأصل مجازا.
[11391]:من م، في الأصل يتأول.
[11392]:ساقطة من الأصل و.م.
[11393]:في الأصل و.م: يتزود.
[11394]:في الأصل و.م: حال.