فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةٗ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَيُّهُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلٗا} (7)

{ إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها } هذه الجملة تعليل للنهي المقصود من الترجي والقصد منه تسلية له صلى الله عليه وسلم وتسكين أسفه وغيضه على عدم إيمانهم لأنه مختبر لأعمال العباد مجازيهم ، يقول له صلى الله عليه وسلم لا تحزن فإني منتقم منهم لك ، وقيل استئناف .

والمعنى إنا جعلنا ما عليها مما يصلح أن يكون زينة لها ولأهلها من الحيوانات والنبات والشجر والأنهار والجماد وغير ذلك من النعم كالذهب والفضة والمعادن كقوله سبحانه { هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا } قال ابن عباس : يعني الرجال والعلماء زينة الأرض ، وعن سعيد بن جبير مثله ، وقال الحسن : هم الرجال العباد العمال لله بطاعته .

{ لنبلوهم أيهم أحسن عملا } اللام للغرض أو العاقبة ، والمراد بالابتلاء أنه سبحانه يعاملهم معاملة لو كانت تلك المعاملة من غيره لكانت من قبيل الابتلاء والامتحان ، قال الزجاج : أيهم رفع بالابتداء إلا أن لفظه لفظ الاستفهام والمعنى لنمتحنن أهذا أحسن عملا أم ذلك ، قال الحسن : أيهم أزهد وأشد للدنيا تركا ، ومثله عن الثوري وقال مقاتل : أيهم أصلح فيما أوتي من المال ، وقال قتادة : أيهم أتم عقلا .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في التاريخ وابن مردويه عن ابن عمر قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقلت : ما معنى ذلك يا رسول الله قال : ( ليبلوكم أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله وأسرعكم في طاعة الله ) .

ثم أعلم سبحانه أنه مبيد لذلك كله ومفنيه فقال :