لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{۞وَهُوَ ٱلَّذِي مَرَجَ ٱلۡبَحۡرَيۡنِ هَٰذَا عَذۡبٞ فُرَاتٞ وَهَٰذَا مِلۡحٌ أُجَاجٞ وَجَعَلَ بَيۡنَهُمَا بَرۡزَخٗا وَحِجۡرٗا مَّحۡجُورٗا} (53)

البحر المِلْح لا عذوبة فيه ، والعَذْبُ لا ملوحة فيه ، وهما في الجوهرية واحد ، ولكنه سبحانه - بقدرته - غَايَر بينهما في الصفة ، كذلك خَلَقَ القلوبَ ؛ بعضُها مَعْدِنُ اليقينِ والعرفانِ ، وبعضُها مَحَلُّ الشكِّ والكفران .

ويقال أثبت في قلوب المؤمنين الخوف والرجاء ، فلا الخوف يغلب الرجاء ولا الرجاء يغلب الخوف .

ويقال خَلَقَ القلوبَ على وصفين : قلبَ المؤمن مضيئاً مشرقاً وقلبَ الكافر أسود مظلماً ، هذا بنور الإيمان مُزَيَّن ، وهذا بظلمة الجحود مُعَلَّم .

ويقال قلوبُ العوام في أسْرِ المطالب ورغائب الحظوظ ، وقلوبُ الخواصِّ مُعْتَقَةٌ عن المطالب ، مُجَرَّدَةٌ عن رِقِّ الحظوظ .