{ وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ } أرسلهما متجاورين متلاصقين ، بحيث لا يتمازجان { هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ } أي شديد العذوبة قامع للظمأ { وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ } أي بليغ الملوحة { وَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا } أي حاجزا لا يختلط أحدهما بالآخر { وَحِجْرًا مَّحْجُورًا } أي منعا من وصول أثر أحدهما إلى الآخر ، وامتزاجه به ، حتى بعد دخول أحدهما في الآخر مسافة .
تلطف هنا المهايمي في تأويل الآية ، بمعنى يصلها بالآية قبلها ، في أسلوب غريب . قال رحمه الله في قوله تعالى : { وجاهدهم به جهادا كبيرا } : يؤثر في بواطنهم فيكون { كبيرا } يفوق ما يؤثر في الظواهر ( و ) إن زعموا أنه كيف يجاهد بالدلائل من يورد شبهات تجاورها ؟ قيل : غاية أمرها أن يكونا كالبحرين المختلفين المتجاورين . وقد رفع الله الالتباس بينهما بعد ما جاور بينهما وهما محسوسان ، فكيف لا يرفع الالتباس بين البحرين المعقولين إذ { هذا عذب فرات } أي قاطع للعطش وهو مثل بحر الدلائل المفيدة للذوق ، القاطعة عطش الطلب { وهذا ملح أجاج } أي مبالغ في الملوحة . وهو مثل بحر الشبهات الموجبة للنفرة جدا لأهل الذوق ( و ) أما لأهل النظر فقد { جعل بينهما برزخا } أي مانعا من الخلط . وهو النظر في موارد المقدمات وصورها ليعلم بذلك صحة الدلائل ( و ) أما فساد الشبهات فيعلم بالاعتراضات التي لا جواب عنها ، كما أنه جعل بينهما { حجرا } أي منعا من وصول أثر أحدهما إلى الآخر { محجورا } أي ممنوعا أن يمنع . أن زعموا أن كل فرقة ترى ممسكاته تفيده الذوق وتقطع عنه الطلب ويتنفر عن متمسكاته صاحبه أشد من التنفر عن الملح الأجاج ، قيل : ليس هذا بالنظر إلى نفس الدلائل ، بل بواسطة التعصب من جهة الآباء والمشايخ والأصحاب . وقد أوجد الله لإزالة العذر عنه مثالا ، في قوله :
{ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاء بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.