في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

( وجعل فيها رواسي من فوقها ) . . وكثيراً ما يرد تسمية الجبال( رواسي )وفي بعض المواضع يعلل وجود هذه الرواسي ( أن تميد بكم )أي إنها هي راسية ، وهي ترسي الأرض ، وتحفظ توازنها فلا تميد . . ولقد غبر زمان كان الناس يحسبون أن أرضهم هذه ثابتة راسخة على قواعد متينة ! ثم جاء زمان يقال لهم فيه الآن : إن أرضكم هذه إن هي إلا كرة صغيرة سابحة في فضاء مطلق ، لا تستند إلى شيء . . ولعلهم يفزعون حين يقال لهم هذا الكلام أول مرة أو لعل منهم من ينظر بوجل عن يمينه وعن شماله خيفة أن تتأرجح به هذه الأرض أو تسقط في أعماق الفضاء ! فليطمئن . فإن يد الله تمسكها أن تزول هي والسماء . ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من بعده ! وليطمئن فإن النواميس التي تحكم هذا الكون متينة من صنع القوي العزيز !

ونعود إلى الجبال فنجد القرآن يقول إنها( رواسي )وإنها كذلك ترسي الأرض فلا تميد . ولعلها - كما قلنا في موضع آخر من هذه الظلال - تحفظ التناسق بين القيعان في المحيطات والمرتفعات في الأرض فتتوازن فلا تميد .

وهذا عالم يقول :

" إن كل حدث يحدث في الأرض ، في سطحها أو فيما دون سطحها ، يكون من أثره انتقال مادة من مكان إلى مكان يؤثر في سرعة دورانها . فليس المد والجزر هو العامل الوحيد في ذلك . [ أي في بطء سرعة الأرض كما قال قبل هذه الفقرة ] حتى ما تنقله الأنهار من مائها من ناحية في الأرض إلى ناحية يؤثر في سرعة الدوران . وما ينتقل من رياح يؤثر في سرعة الدوران . وسقوط في قاع البحار ، أو بروز في سطح الأرض هنا أو هنا يؤثر في سرعة الدوران . . ومما يؤثر في سرعة هذا الدوران أن تتمدد الأرض أو تنكمش بسبب ما . و لو انكماشاً أو تمدداً طفيفاً لا يزيد في قطرها أو ينقص منه إلا بضع أقدام "

فهذه الأرض الحساسة إلى هذا الحد ، لا عجب أن تكون الجبال الرواسي حافظة لتوازنها ومانعة : ( أن تميد بكم )كما جاء في القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً .

( وبارك فيها وقدر فيها أقواتها ) . . وقد كانت هذه الفقرة تنقل إلى أذهان أسلافنا صورة الزرع النامي في هذه الأرض وبعض ما خبأه الله في جوف الأرض من معادن نافعة كالذهب والفضة والحديد وما إليها . . فأما اليوم بعد ما كشف الله للإنسان أشياء كثيرة من بركته في الأرض ومن أقواتها التي خزنها فيها على أزمان طويلة ، فإن مدلول هذه الفقرة يتضاعف في أذهاننا . .

وقد رأينا كيف تعاونت عناصر الهواء فكونت الماء . وكيف تعاون الماء والهواء والشمس والرياح فكونت التربة الصالحة للزرع . وكيف تعاون الماء والشمس والرياح فكونت الأمطار أصل الماء العذب كله من أنهار ظاهرة وأنهار باطنة تظهر في شكل ينابيع وعيون وآبار . . وهذه كلها من أسس البركة ومن أسس الأقوات .

وهناك هواء . ومن الهواء أنفاسنا وأجسامنا . . .

" إن الأرض كرة تلفها قشرة من صخر . وتلف أكثر الصخر طبقة من ماء . وتلف الصخر والماء جميعاً طبقة من هواء . وهي طبقة من غاز سميكة . كالبحر ، لها أعماق . ونحن - بني الإنسان ، والحيوان ، والنبات ، نعيش في هذه الأعماق ، هانئين بالذي فيها .

" فمن الهواء نستمد أنفاسنا ، من أكسجينه . ومن الهواء يبني النبات جسمه ، من كربونه ، بل من أكسيد كربونه ، ذلك الذي يسميه الكيماويون ثاني أكسيد الكربون . يبني النبات جسمه من أكسيد الفحم هذا . ونحن نأكل النبات . ونأكل الحيوان الذي يأكل النبات . ومن كليهما نبني أجسامنا . بقي من غازات الهواء النتروجين ، أي الأزوت ، فهذا لتخفيف الأكسجين حتى لا نحترق بأنفاسنا . وبقي بخار الماء وهذا لترطيب الهواء . وبقيت طائفة من غازات أخرى ، توجد فيه بمقادير قليلة هي - في غير ترتيب - الأرجون ، والهيليوم ، والنيون ، وغيرها . ثم الإدروجين ، وهذه تخلفت - على الأكثر - في الهواء من بقايا خلقة الأرض الأولى ؛ .

والمواد التي نأكلها والتي ننتفع بها في حياتنا - والأقوات أوسع مما يؤكل في البطون - كلها مركبات من العناصر الأصلية التي تحتويها الأرض في جوفها أو فى جوها سواء . وعلى سبيل المثال هذا السكر ما هو ? إنه مركب من الكربون والايدروجين والاكسجين . والماء علمنا تركيبه من الادروجين والاكسجين . . وهكذا كل ما نستخدمه من طعام أو شراب أو لباس أو أداة . . إن هو إلا مركب من بين عناصر هذه الأرض المودعه فيها . .

فهذا كله يشير إلى شيء من البركة وشيء من تقدير الأقوات . . في أربعة أيام . . فقد تم هذا في مراحل زمنية متطاولة . . هي أيام الله ، التي لا يعلم مقدارها إلا الله

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

وقوله تعالى : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِي } على ما اختاره غير واحد عطف على { خَلَقَ الارض } [ فصلت : 9 ] داخل في حكم الصلة ، ولا ضير في الفصل بينهما بالجملتين المذكورتين لأن الأولى متحدة بقوله تعالى : { تَكْفُرُونِ } بمنزلة إعادتها والثانية معارضة مؤكدة لمضمون الكلام فالفصل بهما كلا فصل ، وفيه بلاغة من حيث المعنى لدلالته على أن المعطوف عليه أي { خَلَقَ الارض } كاف في كونه تعالى رب العالمين وأن لا يجعل له ند فكيف إذا انضمت إليه هذه المعطوفات .

وتعقب بأن الاتحاد لا يخرجه عن كونه فاصلاً مشوشاً للذهن مورثاً للتعقيد فالحق والأقرب أن تجعل الواو اعتراضية وكل من الجملتين معترض ليندفع بالاعتراض الاعتراض أو يجعل ابتداء كلام بناء على أنه يصدر بالواو يقال : هو معطوف على مقدر كخلق ، واختار هذا الأخير صاحب الكشف فقال : أوجه ما ذكر فيه أنه عطف على مقدر بعد { رَبّ العالمين } [ فصلت : 9 ] أي خلقها وجعل فيها رواسي فكأنه ساق قوله تعالى : { خَلَقَ الارض فِى يَوْمَيْنِ } أولاً رداً عليهم في كفرهم ثم ذكره ثانياً تتميماً للقصة وتأكيداً للإنكار ، وليس سبيل قوله سبحانه : { ذَلِكَ رَبُّ } سبيل الاعتراض حتى تجعل الجملة عطفاً على الصلة ويعتذر عن تخلل { تجعلون } عطفاً على { وَلاَ تَكْفُرُونِ } باتحاده بما قبله على أسلوب { وَصدَّ سَبِيلِ الله وَكُفْرٌ بِهِ والمسجد الحرام } [ البقرة : 217 ] وذلك لأنه مقصود لذاته في هذا المساق وهو ركن للإنكار مثل قوله تعالى : { الذي خَلَقَ الارض } وأكد على ما لا يخفى على ذي بصيرة .

والرواسي الجبال من رسا إذا ثبت ، والمراد بجعلها إبداعها بالفعل ، وفي الإرشاد المراد تقدير الجعل لا الجعل بالفعل ، وقوله تعالى : { مّن فَوْقِهَا } متعلق بجعل أو بمحذوف صفة لرواسي أي كائنة من فوقها والضمير للأرض وفي ذلك استخدام على ما قيل في المراد منها لأن الجبال فوق الأرض المعروفة لا فوق جميع الأجسام السفلية والبسائط العنصرية ، وفائدة { مّن فَوْقِهَا } الإرشاد إلى أنها جعلت مرتفعة عليها لا تحتها كالأساطين ولا مغروزة فيها كالمسامير لتكون منافعها معرضة لأهلها ويظهر للنظار ما فيها من مراصد الاعتبار ومطارح الأفكار ؛ ولعمري أن في ارتفاعها من الحكم التكوينية ما تدهش منه العقول ، والآية لا تأبى أن يكون في المغمور من الأرض في الماء جبالاً كما لا يخفى والله تعالى أعلم .

{ وبارك فِيهَا } أي كثر خيرها ، وفي الإرشاد قدر سبحانه أن يكثر خيرها بأن يكثر فيها أنواع النباتات وأنواع الحيوانات التي من جملتها الإنسان { وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها } أي بين كميتها وأقدارها ، وقال في الإرشاد : أي حكم بالفعل بأن يوجد فيما سيأتي لأهلها من الأنواع المختلفة أقواتها المناسبة لها على مقدار معين تقتضيه الحكمة والكلام على تقدير مضاف ، وقيل : لا يحتاج إلى ذلك والإضافة لأدنى ملابسة ، وإليه يشير كلام السدى حيث قال : أضاف الأقوات إليها من حيث هي فيها وعنها برزت ، وفسر مجاهد الأقوات بالمطر والمياه .

وفي رواية أخرى عنه وإليه ذهب عكرمة . والضحاك أنها ما خص به كل إقليم من الملابس والمطاعم والنباتات ليكون الناس محتاجين بعضهم لبعض وهو مقتض لعمارة الأرض وانتظام أمور العالم ، ويؤيد هذا قراءة بعضهم { وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها } { فِى أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ } متعلق بحصول الأمور المذكورة لا بتقديرها على ما في إرشاد العقل السليم ، والكلام على تقدير مضاف أي قدر حصولها في تتمة أربعة أيام ؛ وكان الزجاج يعلقه بقدر كما هو رأي الإمام أبي حنيفة في القيد إذا وقع متعاطفات نحو أكرمت زيداً وضربت عمراً ورأيت خالداً في الدار ، والشافعي يقول : المتعقب للجمل يعود إليها جميعاً لأن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلقات فيكون القيد هنا عائداً إلى جعل الرواسي وما بعده وهو الذي يتبادر إلى فهمي ولا بد من تقدير المضاف الذي سمعت وقد صرح الزجاج بتقديره ولم يقدره الزمخشري وجعل الجار متعلقاً بمحذوف وقع خبراً لمبتدأ محذوف أي كل ذلك من خلق الأرض وما بعده كائن في أربعة أيام على أنه فذلكة أي كلام منقطع أتى به لجمل ما ذكر مفصلاً مأخوذة من فذلكة الحساب وقولهم : فذلك كذا بعد استقرار الجمع فما نحن فيه الحق فيه أيضاً جملة من العدد بجملة أخرى وجعله كذلك لا يمنع عطف { فِيهَا رَوَاسِىَ } على مقدر لأن الربط المعنوي كاف .

والقول بأن الفذلكة تقتضي التصريح بذكر الجملتين مثل أن يقال : سرت من البصرة إلى واسط في يومين ومن واسط إلى الكوفة في يومين فذلك أربعة أيام وههنا لم ينص إلا على أحد المبلغين غير سديد لأن العلم بالمبلغين في تحقيق الفذلكة كاف على أن المراد أنه جار مجراها وإنما لم يجز الحمل على أن جعل الرواسي وما ذكر عقيبه أو تقدير الأقوات في أربعة أيام لأنه يلزم أن يكون خلق الأرض وما فيها في ستة أيام وقد ذكر بعده أن خلق السموات في يومين فيكون المجموع ثمانية أيام .

وقد تكرر في كتاب الله تعالى أن خلقهما أعني السموات والأرض في ستة أيام وقيدت الأيام الأربعة بقوله تعالى : { سَوَآء } فإنه مصدر مؤكد لمضمر هو صفة لأيام أي استوت سواء أي استواء كما يدل عليه قراءة زيد بن علي ، والحسن . وابن أبي إسحق . وعمرو بن عبيد . وعيسى . ويعقوب { سَوَآء } بالجر فإنه صريح في الوصفية وبذلك يضعف القول بكونه حالاً من الضمير في { أقواتها } مع قلة الحال من المضاف إليه في غير الصور الثلاثة ولزوم تخالف القراءتين في المعنى .

ويعلم من ذلك أنه على قراءة أبي جعفر بالرفع يجعل خبراً لمبتدأ محذوف أي هي سواء وتجعل الجملة صفة لأيام أيضاً لا حالاً من الضمير لدفع التجوز فإنه شائع في مثل ذلك مطرد في عرفي العرب والعجم فتراهم يقولون : فعلته في يومين ويريدون في يوم ونصف مثلاً وسرت أربعة أيام ويريدون ثلاثة ونصفاً مثلاً ، ومنه قوله تعالى : { الحج أَشْهُرٌ معلومات } [ البقرة : 197 ] فإن المراد بالأشهر فيه شوال وذو القعدة وتسع من ذي الحجة وليلة النحر وذلك لأن الزائد جعل فرداً مجازاً .

ثم أطلق على المجموع اسم العدد الكامل فالمعنى ههنا في أربعة أيام لا نقصان فيها ولا زيادة وكأنه لذلك أوثر ما في التنزيل على أن يقال : وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في يومين كما قيل أولاً { خَلَقَ الارض فِى يَوْمَيْنِ } [ فصلت : 9 ] وحاصله أنه لو قيل ذلك لكان يجوز أن يراد باليومين الأولين والآخيرين أكثرهما وإنما لم يقل خلق الأرض في يومين كاملين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في يومين كاملين أو خلق الأرض في يومين وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في يومين تلك أربعة سواء لأن ما أورده سبحانه أخصر وأفصح وأحسن طباقاً لما عليه التنزيل من مغاصات القرائح ومصاك الركب ليتميز الفاضل من الناقص والمتقدم من الناكص وترتفع الدرجات وتتضاعف المثوبات .

وقال بعض الأجلة : إن في النظم الجليل دلالة أي مع الاختصار على أن اليومين الأخيرين متصلان باليومين الأولين لتبادره من جعلهما جملة واحدة واتصالهما في الذكر ، وقوله تعالى : { لّلسَّائِلِينَ } متعلق بمحذوف وقع خبراً لبمتدأ محذوف أي هذا الحصر في أربعة كائن للسائلين عن مدة خلق الأرض وما فيها ، ولا ضير في توالي حذف مبتدأين بناء على ما آثره الزمخشري في الجار والمجرور قبل ، وقيل هو متعلق بقدر السابق أي وقدر فيها أقواتها لأجل الطالبين لها المحتاجين إليها من المقتاتين ، وقيل : متعلق بمقدر هو حال من الأقوات ، والكل لا يستقيم إلا على ما آثره الزجاج دون ما آثره الزمخشري لأن الفذلكة كما يعلم مما سبق لا تكون إلا بعد تمام الجملتين فلا يجوز أن تتوسط بين الجملة الثانية وبعض متعلقاتها وقيل متعلق بسواء على أنه حال من الضمير والمعنى مستوية مهيأة للمحتاجين أو به على قراءة الرفع وجعله خبر مبتدأ محذوف أي هو أي أمر هذه المخلوقات ونفعها مستو مهيأ للمحتاجين إليه من البشر وهو كما ترى .

ومن كلمات القوم في الآيات : { وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِي } العقول الإنسانية { وبارك فِيهَا } بالحواس الخمس { وَقَدَّرَ فِيهَا أقواتها } [ فصلت : 10 ] أقواتها من القوى البشرية

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

فكمل خلقها ، ودحاها ، وأخرج أقواتها ، وتوابع ذلك { فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ } عن ذلك ، فلا ينبئك مثل خبير ، فهذا الخبر الصادق الذي لا زيادة فيه ولا نقص .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَجَعَلَ فِيهَا رَوَٰسِيَ مِن فَوۡقِهَا وَبَٰرَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَآ أَقۡوَٰتَهَا فِيٓ أَرۡبَعَةِ أَيَّامٖ سَوَآءٗ لِّلسَّآئِلِينَ} (10)

قوله تعالى : { وجعل فيها } أي : في الأرض ، { رواسي } جبالاً ثوابت ، { من فوقها } من فوق الأرض ، { وبارك فيها } أي : في الأرض ، بما خلق فيها من البحار والأنهار والأشجار والثمار ، { وقدر فيها أقواتها } قال الحسن ومقاتل : قسم في الأرض أرزاق العباد والبهائم . وقال عكرمة والضحاك : قدر في كل بلدة ما لم يجعله في الأخرى ليعيش بعضهم من بعض بالتجارة من بلد إلى بلد . قال الكلبي : قدر الخبز لأهل قطر ، والثمر لأهل قطر ، والذرة لأهل قطر ، والسمك لأهل قطر ، وكذلك أقواتها . { في أربعة أيام } يريد خلق ما في الأرض ، وقدر الأقوات في يومين يوم الثلاثاء والأربعاء فهما مع الأحد والاثنين أربعة أيام ، رد الآخر على الأول في الذكر ، كما تقول : تزوجت أمس امرأة واليوم ثنتين ، وإحداهما هي التي تزوجتها بالأمس ، { سواءً للسائلين } قرأ أبو جعفر { سواء } رفع على الابتداء ، أي : هي سواء ، وقرأ يعقوب بالجر على نعت قوله : في أربعة أيام ، وقرأ الآخرون { سواء } نصب على المصدر استوت استواءً ، ومعناه سواء للسائلين عن ذلك . قال قتادة والسدي : من سأل عنه فهكذا الأمر سواء لا زيادة ولا نقصان جواباً لمن سأل : في كم خلقت الأرض والأقوات ؟