في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

ومن هنا إلى نهاية السورة تبدأ مشاهد اليوم الآخر . مشهد الانقلاب الكوني يوم القيامة . وما يعقبه من مشاهد الحساب . ومشاهد العذاب والثواب .

ويبدأ استعراض هذه المشاهد بمشهد كوني يتناسب مع مطالع السورة ومجالها الكوني :

( فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان ) .

وردة حمراء ، سائلة كالدهان . . ومجموع الآيات التي وردت في صفة الكون يوم القيامة تشير كلها إلى وقوع دمار كامل في هذه الأفلاك والكواكب ، بعد انفلاتها من النسق الذي يحكمها الآن ، وينسق بين مداراتها وحركاتها . منها هذه الآية . ومنها : ( إذا رجت الأرض رجا ، وبست الجبال بسا ، فكانت هباء منبثا ) . .

ومنها : ( فإذا برق البصر ، وخسف القمر ، وجمع الشمس والقمر ) . . ومنها : ( إذا الشمس كورت ، وإذا النجوم انكدرت ، وإذا الجبال سيرت . وإذا العشار عطلت . وإذا الوحوش حشرت . وإذا البحار سجرت ) . .

ومنها : ( إذا السماء انفطرت ، وإذا الكواكب انتثرت . وإذا البحار فجرت ) . . ومنها : ( إذا السماء انشقت ، وأذنت لربها وحقت . وإذا الأرض مدت ، وألقت ما فيها وتخلت ، وأذنت لربها وحقت ) . . وهذه وغيرها تشير إلى ذلك الحادث الهائل الذي سيقع في الكون كله . ولا يعلم حقيقته إلا الله . .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

{ فَإِذَا انشقت السماء } أي انصدعت يوم القيامة ، وحديث امتناع الخرق حديث خرافة ، ومثله ما يقوله أهل الهيئة اليوم في السماء على أن الانشقاق فيها على زعمهم أيضاً متصور { فَكَانَتْ وَرْدَةً } أي كالوردة في الحمرة ، والمراد بها النور المعروف قاله الزجاج . وقتادة ، وقال ابن عباس . وأبو صالح : كانت مثل لون الفرس الورد ، والظاهر أن مرادهما كانت حمراء .

وقال الفراء : أريد لون الفرس الورد يكون في الربيع إلى الصفرة ، وفي الشتاء إلى الحمرة ، وفي اشتداد البرد إلى الحمرة فشبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل ، وروي هذا عن الكلبي أيضاً ، وقال أبو الجوزاء : { وَرْدَةً } صفراء والمعول عليه إرادة الحمرة ، ونصب { وَرْدَةً } على أنه خبر كان ، وفي الكلام تشبيه بليغ ، وقرأ عبيد بن عمير { وَرْدَةً } بالرفع على أن كان تامة أي فحصلت سماء وردة فيكون من باب التجريد لأنه بمعنى كانت منها ، أو فيها سماء وردة مع أن المقصود أنها نفسها كذلك فهو كقول قتادة بن مسلمة

: فلئن بقيت لأرحلن بغزوة *** نحو المغانم أو يموت كريم

حيث عني بالكريم نفسه ، وقوله تعالى : { كالدهان } خبر ثان لكانت أو نعت لوردة أو حال من اسم كانت على رأي من أجازه أي كدهن الزيت كما قال تعالى : { كالمهل } [ الكهف : 29 ] وهو دردي الزيت ، وهو إما جمع دهن كقرط وقراط ، أو اسم لما يدهن به كالحزام والادام ، وعليه قوله في وصف عينين كثيرتي التذارف

: كأنهما مزادتا متعجل *** فريان لما تدهنا ( بدهان )

وهو الدهن أيضاً إلا أنه أخص لأنه الدهن باعتبار إشرابه الشيء ، ووجه الشبه الذوبان وهو في السماء على ما قيل من حرارة جهنم وكذا الحمرة ، وقيل : اللمعان ، وقال الحسن : أي كالدهان المختلفة لأنه تتلون ألوانا ؛ وقال ابن عباس : الدهان الأديم الأحمر ؛ ومنه قول الأعشى

: وأجرد من كرام الخيل طرف *** كأن على شواكله ( دهانا )

وهو مفرد ، أو جمع ، واستدل للثاني بقوله

: تبعن ( الدهان ) الحمر كل عشية *** بموسم بدر أو بسوق عكاظ

وإذا شرطية جوابها مقدر أي كان ما كان مما لا تطيقه قوة البيان ، أو وجدت أمراً هائلاً ، أو رأيت ما يذهل الناظرين وهو الناصب لإذا ، ولهذا كان مفرعاً ومسبباً عما قبله لأن في إرسال الشواظ ما هو سبب لحدوث أمر هائل ، أو رؤيته في ذلك الوقت .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

{ 37 } { فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ }

{ فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ } [ أي ] يوم القيامة من شدة الأهوال ، وكثرة البلبال ، وترادف الأوجال ، فانخسفت شمسها وقمرها ، وانتثرت نجومها ، { فَكَانَتْ } من شدة الخوف والانزعاج { وَرْدَةً كَالدِّهَانِ } أي : كانت كالمهل والرصاص المذاب ونحوه

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِذَا ٱنشَقَّتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتۡ وَرۡدَةٗ كَٱلدِّهَانِ} (37)

قوله تعالى : { فبأي آلاء ربكما تكذبان* فإذا انشقت } ، انفرجت ، { السماء } ، فصارت أبواباً لنزول الملائكة . { فكانت وردة } أي كلون الفرس الورد ، وهو الأبيض الذي يضرب إلى الحمرة والصفرة ، قال قتادة : إنها اليوم خضراء ، ويكون لها يومئذ لون آخر يضرب إلى الحمرة . وقيل : إنها تتلون ألوانا يومئذ كلون الفرس الورد يكون في الربيع أصفر وفي الشتاء أحمر فإذا اشتد الشتاء كان أغبر فشبه السماء في تلونها عند انشقاقها بهذا الفرس في تلونه . { كالدهان } جمع دهن . شبه تلون السماء بتلون الورد من الخيل ، وشبه الوردة في اختلاف ألوانها بالدهن واختلاف ألوانه ، وهو قول الضحاك ومجاهد وقتادة والربيع . وقال عطاء بن أبي رباح : كالدهان كعصير الزيت يتلون في الساعة ألوانا وقال مقاتل : كدهن الورد الصافي . وقال ابن جريج تصير السماء كالدهن الذائب وذلك حين يصيبها حر جهنم . وقال الكلبي : كالدهان أي كالأديم الأحمر وجمعه أدهنة ودهن .