وبمناسبة الحديث عن صلاة الضارب في الأرض ، الخائف من فتنة الذين كفروا ، يجيء حكم صلاة الخوف في أرض المعركة ؛ وتحتشد جنبات هذا الحكم الفقهي بلمسات نفسية وتربوية شتى :
( وإذا كنت فيهم ، فأقمت لهم الصلاة ، فلتقم طائفة منهم معك ، وليأخذوا أسلحتهم ؛ فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم . ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك ؛ وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم . ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم ، فيميلون عليكم ميلة واحدة . ولا جناح عليكم - إن كان بكم أذى من مطر ، أو كنتم مرضى - أن تضعوا أسلحتكم . وخذوا حذركم ، إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا ) . ( فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم . فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة ، إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتًا ) . .
إن المتأمل في أسرار هذا القرآن ؛ وفي أسرار المنهج الرباني للتربية ، المتمثل فيه ، يطلع على عجب من اللفتات النفسية ، النافذة إلى أعماق الروح البشرية . ومنها هذه اللفتة في ساحة المعركة إلى الصلاة . .
إن السياق القرآني لا يجيء بهذا النص هنا لمجرد بيان الحكم " الفقهي " في صفة صلاة الخوف . ولكنه يحشد هذا النص في حملة التربية والتوجيه والتعليم والإعداد للصف المسلم وللجماعة المسلمة .
وأول ما يلفت النظر هو الحرص على الصلاة في ساحة المعركة ! ولكن هذا طبيعي بل بديهي في الاعتبار الإيماني . إن هذه الصلاة سلاح من أسلحة المعركة . بل أنها السلاح ! فلا بد من تنظيم استخدام هذا السلاح ، بما يتناسب مع طبيعة المعركة ، وجو المعركة !
ولقد كان أولئك الرجال - الذين تربوا بالقرآن وفق المنهج الرباني - يلقون عدوهم بهذا السلاح الذي يتفوقون فيه قبل أي سلاح . لقد كانوا متفوقين في إيمانهم بإله واحد يعرفونه حق المعرفة ؛ ويشعرون أنه معهم في المعركة . متفوقين كذلك في إيمانهم بهدف يقاتلون من أجله ؛ ويشعرون أنه أرفع الأهداف جميعا . متفوقين أيضا في تصورهم للكون والحياة ولغاية وجودهم الإنساني ، تفوقهم في تنظيمهم الاجتماعي الناشى ء من تفوق منهجهم الرباني . . وكانت الصلاة رمزا لهذا كله ، وتذكير بهذا كله . ومن ثم كانت سلاحا في المعركة . بل كانت هي السلاح !
والأمر الثاني الذي يلفت النظر في هذا النص هو هذه التعبئة الروحية الكاملة تجاه العدو . وهذا الحذر الذي يوصى المؤمنون به تجاه عدوهم الذي يتربص بهم لحظة غفلة واحدة عن أسلحتهم وأمتعتهم ، ليميل عليهم ميلة واحدة ! ومع هذا التحذير والتخويف ، التطمين والتثبيت ؛ إذ يخبرهم أنهم إنما يواجهون قوما كتب الله عليهم الهوان : ( إن الله أعد للكافرين عذابا مهينًا ) . . وهذا التقابل بين التحذير والتطمين ؛ وهذا التوازن بين استثارة حاسة الحذر وسكب فيض الثقة ؛ هو طابع هذا المنهج في تربية النفس المؤمنة والصف المسلم ، في مواجهة العدو الماكر العنيد اللئيم !
أما كيفية صلاة الخوف ؛ فتختلف فيها آراء الفقهاء ، أخذا من هذا النص ، ولكننا نكتفي بالصفة العامة ، دون دخول في تفصيل الكيفيات المتنوعة .
( وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ، فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم ، فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم . ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك . وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ) . .
والمعنى : إذا كنت فيهم فأممتهم في الصلاة ، فلتقم طائفة منهم تصلي معك الركعة الأولى . على حين تقف طائفة أخرى بأسلحتها من ورائكم لحمايتكم . فإذا أتمت الطائفة الأولى الركعة الأولى رجعت فأخذت مكان الحراسة ، وجاءت الطائفة التي كانت في الحراسة ولم تصل . فلتصل معك ركعة كذلك . [ وهنا يسلم الإمام إذ يكون قد أتم صلاته ركعتين ] .
عندئذ تجيء الطائفة الأولى فتقضي الركعة الثانية التي فاتتها مع الإمام . وتسلم - بينما تحرسها الطائفة الثانية - ثم تجيء الثانية فتقضي الركعة الأولى التي فاتتها وتسلم - بينما تحرسها الطائفة الأولى . .
وبذلك تكون الطائفتان قد صلتا بإمامة الرسول [ ص ] وكذلك مع خلفائه وأمرائه ، وأمراء المسلمين [ منهم ] في كل معركة .
( وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم . ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم ، فيميلون عليكم ميلة واحدة ) . .
وهي رغبة في نفوس الكفار تجاه المؤمنين دائمة . والسنون تتوالى ، والقرون تمر ، فتؤكد هذه الحقيقة ، التي وضعها الله في قلوب المجموعة المؤمنة الأولى . وهو يضع لها الخطط العامة للمعركة . كما يضع لها الخطة الحركية أحيانا . على هذا النحو الذي رأينا في صلاة الخوف .
على أن هذا الحذر ، وهذه التعبئة النفسية ، وهذا الاستعداد بالسلاح المستمر ، ليس من شأنه أن يوقع المسلمين في المشقة . فهم يأخذون منه بقدر الطاقة :
( ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر ، أو كنتم مرضى ، أن تضعوا أسلحتكم ) فحمل السلاح في هذه الحالة يشق ، ولا يفيد . ويكفي أخذ الحذر ؛ وتوقع عون الله ونصره : ( وخذوا حذركم . إن الله أعد للكافرين عذابا مهينًا ) . .
ولعل هذا الاحتياط ، وهذه اليقظة ، وهذا الحذر يكون أداة ووسيلة لتحقيق العذاب المهين الذي أعده الله للكافرين . فيكون المؤمنون هم ستار قدرته ؛ وأداة مشيئته . . وهي الطمأنينة مع ذلك الحذر ؛ والثقة في النصر على قوم أعد الله لهم عذابا مهينا . .
الضمير في { سجدوا } للطائفة المصلية والمعنى : فإذا سجدوا معك الركعة الأولى فلينصرفوا ، هذا على بعض الهيئات المروية والمعنى : فإذا سجدوا ركعة القضاء وهذا على هيئة سهل بن أبي حثمة ، والضمير في قوله : { فليكونوا } يحتمل أن يكون للطائفة القائمة أولاً بإزاء العدو ويجيء الكلام وصاة في حال الحذر والحرب ، وقرأ الحسن وابن أبي إسحاق «فلِتقم » بكسر اللام ، وقرأ الجمهور { ولتأت طائفة } بالتاء ، وقرأ أبو حيوة «وليأت » بالياء ، وقوله تعالى : { ود الذين كفروا } الآية إخبار عن معتقد القوم وتحذير من الغفلة ، لئلا ينال العدو أمله . وأسلحة جمع سلاح ، وفي قوله تعالى : { ميلة واحدة } بناء مبالغة أي مستأصلة لا يحتاج معها إلى ثانية ، وقوله تعالى : { ولا جناح عليكم } الآية ترخيص ، قال ابن عباس : نزلت بسبب عبد الرحمن بن عوف ، كان مريضاً فوضع سلاحه فعنفه بعض الناس .
قال القاضي أبو محمد رحمه الله : كأنهم تلقوا الأمر بأخذ السلاح على الوجوب ، فرخص الله تعالى في هاتين الحالتين ، وينقاس عليهما كل عذر يحدث في ذلك الوقت ، ثم قوى الله تعالى نفوس المؤمنين بقوله { إن الله أعد للكافرين عذاباً مهيناً } .
قوله تعالى : { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } هذه صفة صلاة الخوف في الجماعة لقوله : { فأقمت لهم الصلاة } .
واتّفق العلماء على أنّ هذه الآية شرعت صلاة الخوف . وأكثر الآثار تدلّ على أنّ مشروعيتها كانت في غزوة ذات الرّقَاع بموضع يقال له : نَخلة بين عسفان وضجنان من نجد ، حين لقوا جموع غطفان : محارب وأنمار وثعلبة . وكانت بين سنة ستّ وسنة سبع من الهجرة ، وأنّ أوّل صَلاة صلّيت بها هي صلاة العصر ، وأنّ سببها أنّ المشركين لما رأوا حرص المسلمين على الصلاة قالوا : هذه الصلاة فرصة لنا لو أغرنا عليهم لأصبناهم على غِرّة ، فأنبأ الله بذلك نبيّه صلى الله عليه وسلم ونزلت الآية . غير أنّ الله تعالى صدّر حكم الصلاة بقوله : { وإذا كنت فيهم } فاقتضى ببادىء الرأي أنّ صلاة الخوف لا تقع على هذه الصفة إلاّ إذا كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي خصوصية لإقامته . وبهذا قال إسماعيل بن عُلية ، وأبو يوسف صاحب أبي حنيفة في أحد أقواله ، وعلّلوا الخصوصية بأنّها لِحرص الناس على فضل الجماعة مع الرسول ، بخلاف غيره من الأيّمة ، فيمكن أن تأتمّ كلّ طائفة بإمام . وهذا قول ضعيف : لمخالفته فعل الصحابة ، ولأنّ مقصد شرع الجماعة هو اجتماع المسلمين في الموطن الواحد ، فيؤخذ بهذا المقصد بقدر الإمكان . على أنّ أبا يوسف لا يرى دلالة مفهوم المخالفة فلا تدلّ الآية على الاختصاص بإمامة الرسول ، ولذلك جزم جمهور العلماء بأنّ هذه الآية شرعت صلاة الخوف للمسلمين أبداً . ومحمل هذا الشرط عندهم جار على غالب أحوالهم يومئذٍ من ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم لغزواتهم وسراياهم إلاّ للضرورة ، كما في الحديث " لولا أنّ قوماً لا يتخلّفون بعدي ولا أجد ما أحملهم عليه ما تخلّفت عن سريّة سارت في سبيل الله " فليس المراد الاحترازَ عن كون غيره فيهم ولكن التنويهَ بكون النبي فيهم . وإذ قد كان الأمراء قائمين مقامه في الغزوات فالذي رخّص الله للملسمين معه يرخّصه لهم مع أمرائه ، وهذا كقوله : { خذ من أموالهم صدقة } [ التوبة : 103 ] .
وفي نظم الآية إيجاز بديع فإنّه لمّا قال : « فلتقم طائفة منهم معك » علم أنّ ثمة طائفة أخرى ، فالضمير في قوله : { وليأخذوا أسلحتهم } للطائفة باعتبار أفرادها ، وكذلك ضمير قوله : { فإذا سجدوا } للطائفة التي مع النبي ، لأن المعية معية الصلاة ، وقد قال : { فإذا سجدوا } . وضمير قوله : { فليكونوا } للطائفة الأخرى المفهومة من المقابلة ، لظهور أنّ الجواب وهو { فليكونوا من ورائكم } متعيّن لفعل الطائفة المواجهة العدوّ .
وقوله : { ولتأت طائفة أخرى } هذه هي المقابلة لقوله : { فلتقم طائفة منهم معك } .
وقد أجملت الآية ما تصنعه كلّ طائفة في بقية الصلاة . ولكنّها أشارت إلى أنّ صلاة النبي صلى الله عليه وسلم واحدة لأنّه قال : { فليصلوا معك } . فجعلهم تابعين لصلاته ، وذلك مؤذن بأنّ صلاته واحدة ، ولو كان يصلّي بكل طائفة صلاة مستقلّة لقال تعالى فلتصلّ بهم .
وبهذا يبطل قول الحسن البصري : بأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلّى ركعتين بكلّ طائفة ، لأنّه يصير متمّا للصلاة غير مقصّر ، أو يكون صلّى بإحدى الطائفتين الصلاة المفروضة وبالطائفة الثانية صلاة : نافلة له ، فريضة للمؤمنين ، إلاّ أن يلتزم الحسن ذلك . ويرى جواز ائتمام المفترض بالمتنفّل . ويظهر أنّ ذلك الائتمام لا يصحّ ، وإن لم يكن في السنّة دليل على بطلانه .
وذهب جمهور العلماء إلى أنّ الإمام يصلّي بكلّ طائفة ركعة ، وإنّما اختلفوا في كيفية تقسيم الصلاة : بالنسبة للمأمومين . والقول الفصل في ذلك هو ما رواه مالك في « الموطأ » ، عن سهل بن أبي حثمة : إنه صلّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف يوم ذات الرقاع ، فصفّت طائفة معه وطائفة وِجاه العدوّ ، فصلّى بالذين معه ركعة ثم قام ، وأتمّوا ركعة لأنفسهم ، ثم انصرفوا فوقفوا وِجاه العدوّ ، وجاءت الطائفة الأخرى فصلّى بهم الركعة التي بقيت له ، ثم سلّم ، ثم قضوا الركعة التي فاتتهم وسلُّموا وهذه الصفة أوفق بلفظ الآية ، والروايات غيرُ هذه كثيرة .
والطائفة : الجماعة من الناس ذات الكثرة . والحقّ أنّها لا تطلق على الواحد والاثنين ، وإن قال بذلك بعض المفسّرين من السلف . وقد تزيد على الألف كما في قوله تعالى : { على طائفتين مِن قبْلِنا } [ الأنعام : 156 ] . وأصلها منقولة من طائفة الشيء وهي الجزء منه .
وقوله : { وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم } استُعمل الأخذ في حقيقته ومجازه : لأنّ أخذ الحِذر مجاز ، إذ حقيقة الأخذ التناول ، وهو مجاز في التلبّس بالشيء والثبات عليه . وأخذُ الأسلحة حقيقة ، ونظيره قوله تعالى : { والذين تبوّأوا الدار والإيمانَ من قبلهم } [ الحشر : 9 ] ، فإنّ تَبَوّأ الإيمانِ الدخول فيه والاتّصافُ به بعد الخروج من الكفر . وجاء بصيغة الأمر دون أن يقول : ولا جناح عليكم أن تأخذوا أسلحتكم ، لأنّ أخذ السلاح فيه مصلحة شرعية .
وقوله : { ود الذين كفروا } الخ ، ودّهم هذا معروف إذ هو شأن كلّ محارب ، فليس ذلك المعنى المعروف هو المقصود من الآية ، إنّما المقصود أنّهم ودّوا ودّا مستقرباً عندهم ، لظنّهم أنّ اشتغال المسلمين بأمور دينهم يباعد بينهم وبين مصالح دنياهم جهلاً من المشركين لحقيقة الدين ، فطمعوا أن تلهيهم الصلاة عن الاستعداد لأعدائهم ، فنبه الله المؤمنين إلى ذلك كيلاً يكونوا عند ظنّ المشركين ، وليعوّدهم بالأخذ بالحزم في كلّ الأمور ، وليريهم أنّ صلاح الدين والدنيا صنوان .
والأسلحة جمع سلاح ، وهو اسم جنس لآلة الحرب كلّها من الحديد ، وهي السيف والرمح والنبل والحَرْبَة وليس الدرع ولا الخُوذَة ولا التُّرس بسلاح . وهو يذكّر ويؤنث . والتذكير أفصح ، ولذلك جمعوه على أسلحة وهو من زِنات جمع المذكّر .
والأمتعة جمع متاع وهو كلّ ما ينتفع به من عروض وأثاث ، ويدخل في ذلك ما له عون في الحرب كالسروج ولامة الحرب كالدروع والخُوذات . { فيميلون } مفرّع عن قوله : { لو تغفلون } » الخ ، وهو محلّ الودّ ، أي ودّوا غفلتكم ليميلوا عليكم .
والميل : العدول عن الوسط إلى الطرف ، ويطلق على العدول عن شيء كان معه إلى شيء آخر ، كما هنا ، أي فيعدلون عن مُعسكرهم إلى جيشكم . ولمّا كان المقصود من الميل هنا الكَرُّ والشدُّ ، عُدّي ب ( على ) ، أي فيشدّون عليكم في حال غفلتكم .
وانتصب ( مَيلةً ) على المفعولية المطلقة لبيان العدد ، أي شدّة مفردة . واستعملت صيغة المرّة هنا كناية عن القوّة والشدّة ، وذلك أنّ الفعل الشديد القويّ يأتي بالغرض منه سريعاً دون معاودة علاج ، فلا يتكرّر الفعل لتحصيل الغرض ، وأكّد معنى المرّة المستفاد من صيغة فعلة بقوله : { واحدة } تنبيهاً على قصد معنى الكناية لئلاّ يتوهّم أنّ المصدر لمجرّد التأكيد لقوله : { فيميلون } .
وقوله : { ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر } الخ رخصة لهم في وضع الأسلحة عند المشقّة ، وقد صار ما هو أكمل في أداء الصلاة رخصةً هنا ، لأنّ الأمور بمقاصدها وما يحصل عنها من المصالح والمفاسد ، ولذلك قيّد الرخصة مع أخذ الحذر . وسبب الرخصة أنّ في المطر شاغلاً للفريقين كليهما ، وأمّا المرض فموجب للرخصة لخصوص المريض .
وقوله : { إن الله أعد للكافرين عذاباً مهيناً } تذييل لتشجيع المسلمين ؛ لأنّه لمّا كرّر الأمر بأخذ السلاح والحَذر ، خيف أن تثور في نفوس المسلمين مخافة من العدوّ من شدّة التحذير منه ، فعقّب ذلك بأنّ الله أعدّ لهم عذاباً مهيناً ، وهو عذاب الهزيمة والقتل والأسر ، كالذي في قوله : { قاتلوهم يعذّبهم الله بأيديكم } [ التوبة : 14 ] ، فليس الأمر بأخذ الحذر والسلاح إلاّ لتحقيق أسباب ما أعدّ الله لهم ، لأنّ الله إذا أراد أمراً هيَّأ أسبابه . وفيه تعليم المسلمين أن يطلبوا المسبّبات من أسبابها ، أي إن أخذتم حِذركم أمِنتم من عدوّكم .