في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلۡعِيرُ قَالَ أَبُوهُمۡ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَۖ لَوۡلَآ أَن تُفَنِّدُونِ} (94)

ومنذ اللحظة نحن أمام مفاجأة في القصة بعد مفاجأة ، حتى تنتهي مشاهدها المثيرة بتأويل رؤيا الصبي الصغير .

( ولما فصلت العير قال أبوهم : إني لأجد ريح يوسف . لولا أن تفندون ! ) . .

ريح يوسف ! كل شيء إلا هذا . فما يخطر على بال أحد أن يوسف بعد في الأحياء بعد هذا الأمد الطويل . وأن له ريحا يشمها هذا الشيخ الكليل !

إني لأجد ريح يوسف . لولا أن تقولوا شيخ خرف : ( لولا أن تفندون ) . . لصدقتم معي ما أجده من ريح الغائب البعيد .

كيف وجد يعقوب ريح يوسف منذ أن فصلت العير . ومن أين فصلت ؟ يقول بعض المفسرين : إنها منذ فصلت من مصر ، وأنه شم رائحة القميص من هذا المدى البعيد . ولكن هذا لا دلالة عليه . فربما كان المقصود لما فصلت العير عند مفارق الطرق في أرض كنعان ، واتجهت إلى محلة يعقوب على مدى محدود .

ونحن بهذا لا ننكر أن خارقة من الخوارق يمكن أن تقع لنبي كيعقوب من ناحية نبي كيوسف . كل ما هنالك أننا نحب أن نقف عند حدود مدلول النص القرآني أو رواية ذات سند صحيح . وفي هذا لم ترد رواية ذات سند صحيح . ودلالة النص لا تعطي هذا المدى الذي يريده المفسرون !

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلۡعِيرُ قَالَ أَبُوهُمۡ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَۖ لَوۡلَآ أَن تُفَنِّدُونِ} (94)

{ ولما فصلت العير } من مصر وخرجت من عمرانها . { قال أبوهم } لمن حضره . { إني لأجد ريح يوسف } أوجده الله ريح ما عبق بقميصه من ريحه حيين أقبل به إليه يهوذا من ثمانين فرسخا . { لولا أن تفنّدون } تنسبوني إلى الفند وهو نقصان عقل يحدث من هرم ، ولذلك لا يقال عجوز مفندة لأن نقصان عقلها ذاتي . وجواب { لولا } محذوف بقديره لصدقتموني أو لقلت إنه قريب .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلۡعِيرُ قَالَ أَبُوهُمۡ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَۖ لَوۡلَآ أَن تُفَنِّدُونِ} (94)

التقدير : فخرجوا وارتحلوا في عير .

ومعنى { فصلتْ } ابتعدت عن المكان ، كما تقدم في قوله تعالى : { فلما فصل طالوت بالجنود } في سورة البقرة ( 249 ) .

والعير تقدم آنفاً ، وهي العير التي أقبلوا فيها من فلسطين .

ووجدَانُ يعقوب ريح يوسف عليهما السلام إلهام خارق للعادة جعله الله بشارة له إذ ذكره بشمه الريح الذي ضمّخ به يوسف عليه السلام حين خروجه مع إخوته وهذا من صنف الوحي بدون كلام ملك مُرسل . وهو داخل في قوله تعالى : { وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً } [ سورة الشورى : 51 ] .

والريح : الرائحة ، وهي ما يعبق من طيب تدركه حاسة الشم .

وأكد هذا الخبر { بإنّ } واللام لأنه مظنة الإنكار ولذلك أعقبه ب { لولا أن تفندون } .

وجواب { لولا } محذوف دلّ عليه التأكيد ، أي لولا أن تفندوني لتحققتم ذلك .

والتفنيد : النسبة للفنَد بفتحتين ، وهو اختلال العقل من الخرف .

وحذفت ياء المتكلم تخفيفاً بعد نون الوقاية وبقيت الكسرة .