الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلۡعِيرُ قَالَ أَبُوهُمۡ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَۖ لَوۡلَآ أَن تُفَنِّدُونِ} (94)

أخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه ، عن ابن عباس رضي الله عنهما - في قوله { ولما فصلت العير } قال : خرجت العير ، هاجت ريح فجاءت يعقوب بريح قميص يوسف ، قال : { إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون } تسفهون . قال : فوجد ريحه من مسيرة ثمانية أيام .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { إني لأجد ريح يوسف } قال : وجد ريحه من مسيرة عشرة أيام .

وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل من كم وجد يعقوب عليه السلام ريح القميص ؟ قال : وجده من مسيرة ثمانين فرسخاً .

وأخرج ابن المنذر عن الحسن - رضي الله عنه - قال : وجد ريح يوسف من مسيرة شهر .

وأخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : وجد يعقوب عليه السلام ريح يوسف ، من مسيرة ستة أيام .

وأخرج أبو الشيخ ، عن محمد بن كعب - رضي الله عنه - قال : وجد ريحه من مسيرة سبعة أيام .

وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { لولا أن تفندون } يقول : تجهلون .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله { لولا أن تفندون } قال : تكذبون .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله { لولا أن تفندون } قال : تهرمون ، تقولون قد ذهب عقلك .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن ابن زيد - رضي الله عنه - في الآية قال : المفند ، الذي ليس له عقل . يقولون : لا يعقل . قال : وقال الشاعر :

مهلاً فإن من العقول مفندا*** . . . . . . . . . . .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر ، عن الربيع - رضي الله عنه - في قوله { لولا أن تفندون } قال : لولا أن تُحَمِّقون .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن ابن زيد - رضي الله عنه - قال : لما بعث يوسف عليه السلام القميص إلى يعقوب عليه السلام ، أخذه فشمه ، ثم وضعه على بصره فرد الله عليه بصره ، ثم حملوه إليه ، فلما دخلوا ويعقوب متكئ على ابن له يقال له يهودا ، استقبله يوسف عليه السلام في الجنود والناس ، فقال يعقوب : يا يهودا ، هذا فرعون مصر . قال : لا يا أبت ، ولكن هذا ابنك يوسف قيل له إنك قادم فتلقاك في أهل مملكته ، والناس ، فلما لقيه ذهب يوسف عليه السلام ليبدأه بالسلام ، فمنع من ذلك ليعلم أن يعقوب أكرم على الله منه ، فاعتنقه وقبّله وقال : السلام عليك أيها الذاهب بالأحزان عني .

وأخرج أبو الشيخ ، عن قتادة - رضي الله عنه - قال : إن يعقوب عليه السلام لقي ملك الموت عليه السلام فقال : هل قبضت نفس يوسف فيمن قبضت ؟ قال : لا . فعند ذلك { قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون } .

وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ ، عن عمر بن يونس اليمامي قال : بلغني أن يعقوب عليه السلام كان أحب أهل الأرض إلى ملك الموت ، وأن ملك الموت استأذن ربه في أن يأتي يعقوب عليه السلام ، فأذن له ، فجاءه ، فقال له يعقوب عليه السلام : يا ملك الموت ، أسألك بالذي خلقك : هل قبضت نفس يوسف فيمن قبضت من النفوس ؟ قال : لا . قال له ملك الموت : يا يعقوب ، ألا أعلمك كلمات ، لا تسأل الله شيئاً إلا أعطاك ؟ قال : بلى . قال : قل : يا ذا المعروف الذي لا ينقطع أبداً ، ولا يحصيه غيرك . فدعا بها يعقوب عليه السلام في تلك الليلة ، فلم يطلع الفجر حتى طرح القميص على وجهه فارتد بصيراً .

وأخرج أبو الشيخ عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسن ، أنه حدث أن ملكاً من ملوك العمالق ، خطب إلى يعقوب ابنته رقية ، فأرسل إليه يعقوب أن المرأة المسلمة المعزوزة لا تحل للكافر الأغرل ، فغضب ذلك الملك وقال : لأقتلنه ولأقتلن ولده ، فبعث إليهم جيشاً ، فغزا يعقوب ومعه بنوه ، فجلس لهم على تل مرتفع ، ثم قال : أي بني ، أي ذلك أحب إليكم أن تقتلوهم بأيديكم قتلاً ، أو يكفيكموهم الله ؟ فإني قد سألت الله ذلك فأعطانيه . قالوا نقتلهم بأيدينا هو أشفى لأنفسنا . قال : أي بني ، أو تقبلون كفاية الله ؟ قال : فدعا الله عليهم يعقوب عليه السلام ، فخسف بهم .