{ ولما فصلت العير } أي خرجت منطلقة من عريش مصر أو من مصر إلى الشام يقال فصل فصولا وفصلته فصلا لازم ومتعد . ويقال فصل من البلد فصولا إذا انفصل عنه وخرج منه وجاوز حيطانه .
{ قال أبوهم } يعقوب لمن عنده في أرض كنعان من أهله { إني لأجد ريح يوسف } أي أدركها بحاسة الشم أي أشمها أي ريح الجنة من قميص يوسف عليه السلام فالإضافة لأدنى ملابسة .
قيل إنها هاجت ريح فصفقت القميص روائح الجنة في الدنيا فحملت ريح القميص إلى يعقوب مع طول المسافة فأخبرهم بما وجد . قال ابن عباس : وجد ريحه من مسيرة ثمانية أيام ، وقيل من مسيرة عشرة أيام ، وقيل من مسيرة ثمانين فرسخا .
ثم قال { لولا أن تفندون } أي لولا تنسبوني إلى الفند وهو ذهاب العقل من الهرم ، يقال أفند الرجل إذا خرف وتغير عقله قاله مجاهد وقال أبو عبيدة : لولا أن تسفهون فجعل الفند السفه .
وقال الزجاج وابن عباس : لولا أن تجهلون فجعل الفند الجهل ، وقال أبو عمرو الشيباني : التفنيد التقبيح ، وقيل هو الكذب قاله ابن عباس ، وقال ابن الأعرابي : لولا أن تضعفوا رأيي . وروى مثله عن أبي عبيدة ، وقال الأخفش : التفنيد اللوم وضعف الرأي .
وكل هذه المعاني راجع إلى التعجيز وتضعيف الرأي يقال فنده تفنيدا إذا أعجزه التعجيز وأفند إذا تكلم بالخطأ والفند الخطأ من الكلام . وعن الربيع قال : لولا أن تحمقون أخبرهم يعقوب بأن الصبا قد حملت إليه ريح حبيبه وأنه لولا ما يخشاه من التفنيد لما شك في ذلك .
فإن الصبا ريح إذا ما تنفست *** على نفس مهموم تجلت همومها .
إذا قلت هذا حين أسلو يهيجني *** نسيم الصبا من حيث ما يطلع الفجر .
ولقد تهب لي الصبا من أرضها ***فيلذ مس هبوبها ويطيب .
قيل إن ريح الصبا استأذنت ربها في أن تأتي يعقوب بريح يوسف عليه السلام قبل أن يأتيه البشير .
قال أهل المعاني : إن الله أوصل إليه ريح يوسف عليه السلام عند انقضاء مدة المحنة من المكان البعيد ، ومنع من وصول خبره إليه مع قرب إحدى البلدتين من الأخرى في مدة ثمانين سنة ، وذلك يدل على أن كل سهل فهو في مدة المحنة صعب وكل صعب فهو في زمان الإقبال سهل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.