تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَمَّا فَصَلَتِ ٱلۡعِيرُ قَالَ أَبُوهُمۡ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَۖ لَوۡلَآ أَن تُفَنِّدُونِ} (94)

وقوله تعالى : ( ولما فصلت العير ) قيل : خرجت ، وفصلت ، وانفصلت واحد ( قال أبوهم إني لأجد ريح يوسف ) قال أهل التأويل : كان بينهما ثمانون[ في الأصل وم : ثمانين ] فرسخا ، تعبر بين مصر وبين كنعان مكان يعقوب . وقيل : مسيرة أيام [ قدر ما ][ ساقطة من الأصل وم ] بين الكوفة والبصرة . ولا حاجة لنا إلى معرفة ذلك : أن كم كان بينهما سوى أنا نعلم أنه كان بينهما مسيرة أيام .

ثم وجد يعقوب ريح يوسف من ذلك المكان ، ولم يجد غيره ممن كان معه ، فذلك آية من آيات الله حين[ في الأصل وم : حيث ] وجد ريحه من مكان بعيد ، لم يجد ذلك غيره . وذلك من آيات[ في الأصل وم : آثار ] البشارة والسرور الذي يدخله فيه بقدومه .

قال بعض أهل التأويل : ذلك القميص هو من كسوة الجنة ، كان الله كساه إبراهيم إسحاق وكساه إسحاق وكساه [ يعقوب ][ من م ، ساقطة من الأصل ] يوسف . كذلك وجد ريحه لأنه كان من ثياب الجنة فهو وإن ثبت ما قالوا ، [ أنه آية ][ في الأصل وم : فذلك ] ولم يجد غيره ، وكان أيضا هو لا يجد ذلك الريح قبل فصول العير ، وكان [ ذلك القميص ][ ساقطة من الأصل وم ] مع يوسف . احتمل ما قالوا ، أو احتمل أن يكون قميصا [ من قمصه ][ ساقطة من الأصل وم ] والله أعلم .

وقوله تعالى : ( لَوْلا أَنْ تُفَنِّدُونِ ) قيل : تخرفون ، وقيل : تهرمون ، وقيل : تكذبون ، وقيل : تضعفون ، وقيل : تعجزون ، وقيل : تجهلون ، وقيل تسفهون ، وقيل تحمقون ، وقيل لولا أن تقولوا : ذهب عقلك .

والمفند معروف عند الناس هو الذي يبلغ في الكبر غايته كقوله : ( ومنكم من يرد إلى أرذل العمر )[ النحل : 70 ] .

وقوله تعالى : ( لولا ) إذا كان على الابتداء فهو على النهي ، أي لا تفندون ، وإن كان على الخبر فهو على النفي كقوله : ( فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها )[ يونس : 98 ] أي لم ينفع .