في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{۞وَلَوۡ رَحِمۡنَٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرّٖ لَّلَجُّواْ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (75)

53

هؤلاء الذين لايؤمنون بالآخرة ، والذين تنكبوا الطريق ، لا يفيدهم الابتلاء بالنعمة ، ولا الابتلاء بالنقمة . فإن أصابتهم النعمة حسبوا : ( أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات )وإن أصابتهم النقمة لم تلن قلوبهم ، ولم تستيقظ ضمائرهم ، ولم يرجعوا إلى الله يتضرعون له ليكشف عنهم الضر ، ويظلون كذلك حتى يأتيهم العذاب الشديد يوم القيامة فإذا هم حائرون يائسون .

( ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون . ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون . حتى إذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون ) . .

وهذه صفة عامة لذلك الصنف من الناس ، القاسية قلوبهم ، الغافلين عن الله ، المكذبين بالآخرة ، ومنهم المشركون الذين كانوا يواجهون رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] .

والاستكانة والتضرع عند مس الضر دليل على الرجوع إلى الله ، والشعور بأنه الملجأ والملاذ . والقلب متى اتصل بالله على هذا النحو رق ولان ، واستيقظ وتذكر ، وكانت هذه الحساسية هي الحارس الواقي من الغفلة والزلل ، وأفاد من المحنة و انتفع بالبلاء . فأما حين يسدر في غيه ، ويعمه في ضلاله ، فهو ميؤوس منه لا يرجى له صلاح ، وهو متروك لعذاب الآخرة ، الذي يفاجئه ، فيسقط في يده ، ويبلس ويحتار ، وييأس من الخلاص .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{۞وَلَوۡ رَحِمۡنَٰهُمۡ وَكَشَفۡنَا مَا بِهِم مِّن ضُرّٖ لَّلَجُّواْ فِي طُغۡيَٰنِهِمۡ يَعۡمَهُونَ} (75)

{ ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر } يعني القحط . { للجوا } لثبتوا واللجاج التمادي في الشيء . { في طغيانهم } إفراطهم في الكفر والاستكبار عن الحق وعداوة الرسول والمؤمنين . { يعمهون } عن الهدى ، روي أنهم قحطوا حتى أكلوا العلهز فجاء أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أنشدك الله والرحم ألست تزعم أنك بعثت رحمة للعالمين قال : بلى فقال : قتلت الآباء بالسيف والأبناء بالجوع فنزلت .