في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

ذلك هو الأمر المستيقن ، الذي يدعوهم إليه محمد [ صلى الله عليه وسلم ] فأما هم فعلام يستدنون في عبادتهم وآلهتهم وأساطيرهم ? علام يستندون في عبادتهم لللات والعزى ومناة ? وفي ادعائهم الغامض أنهن ملائكة ، وأن الملائكة بنات الله ? وأن لهن شفاعة ترتجى عند الله ? إلى أي بينة ? وإلى أية حجة ? وإلى أي سلطان يرتكنون في هذه الأوهام ? هذا ما يعالجه المقطع الثاني في السورة :

أفرأيتم اللات والعزى ، ومناة الثالثة الأخرى . ألكم الذكر وله الأنثى ? تلك إذن قسمة ضيزى ! إن هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآبائكم ما أنزل الله بها من سلطان . إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ، ولقد جاءهم من ربهم الهدى . أم للإنسان ما تمنى ? فلله الآخرة والأولى . وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا َ ، إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى . إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى . وما لهم به من علم ، إن يتبعون إلا الظن ، وإن الظن لا يغني من الحق شيئا . .

وكانت( اللات )صخرة بيضاء منقوشة ، وعليها بيت بالطائف له أستار وسدنة ، وحوله فناء معظم عند أهل الطائف وهم ثقيف ومن تابعها ، يفتخرون بها على من عداهم من أحياء العرب عدا قريش لأن عندهم الكعبة بيت إبراهيم عليه السلام . ويظن ان اسمها [ اللات ] مؤنث لفظ الجلالة " الله " . سبحانه وتعالى .

وكانت [ العزى ] شجرة عليها بناء وأستار بنخلة - وهي بين مكة والطائف - وكانت قريش تعظمها . كما قال أبو سفيان يوم أحد . لنا العزى ولا عزى لكم . فقال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم " . ويظن أن اسمها [ العزى ] مؤنث( العزيز ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفَرَءَيۡتُمُ ٱللَّـٰتَ وَٱلۡعُزَّىٰ} (19)

{ أفرأيتم اللات والعزى * ومناة الثالثة الأخرى } هي أصنام كانت لهم ، فاللات كانت لثقيف بالطائف أو لقريش بنخلة وهي فعلة من لوى لأنهم كانوا يلوون عليها أي يطوفون . وقرأ هبة الله عن البزي ورويس عن يعقوب " اللات " بالتشديد على أنه سمي به لأنه صورة رجل كان يلت السويق بالسمن ويطعم الحاج . { والعزى } بالتشديد سمرة لغطفان كانوا يعبدونها فبعث إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد فقطعها ، وأصلها تأنيث الأعز { ومناة } صخرة كانت لهذيل وخزاعة أو لثقيف وهي فعلة من مناة إذا قطعه فإنهم كانوا يذبحون عندها القرابين ومنه منى . وقرأ ابن كثير { مناة } وهي مفعلة من النوء فإنهم كانوا يستمطرون الأنواء عندها تبركا بها ، وقوله { الثالثة الأخرى } صفتان للتأكيد كقوله تعالى : { يطير بجناحيه } أو { الأخرى } من التأخر في الرتبة .