في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (32)

ويصف المشركين بأنهم ( الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا ) . . والشرك ألوان وأنماط كثيرة . منهم من يشركون الجن ، ومنهم من يشركون الملائكة ، ومنهم من يشركون الأجداد والآباء . و منهم من يشركون الملوك والسلاطين . ومنهم من يشركون الكهان والأحبار . ومنهم من يشركون الأشجار والأحجار . ومنهم من يشركون الكواكب والنجوم . ومنهم من يشركون النار . ومنهم من يشركون الليل والنهار . ومنهم من يشركون القيم الزائفة والرغائب والأطماع . ولا تنتهي أنماط الشرك وأشكاله . . و ( كل حزب بما لديهم فرحون )بينما الدين القيم واحد لا يتبدل ولا يتفرق ، ولا يقود أهله إلا إلى الله الواحد ، الذي تقوم السماوات والأرض بأمره ، وله من في السماوات والأرض كل له قانتون .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (32)

ولما كانوا يظنون أنهم على صواب ، نصب لهم دليلاً على بطلانه بما لا أوضح منه ، ولا يمكن أحداً التوقف فيه ، وذلك أنه{[53082]} لا يمكن أن يكون الشيء متصفاً بنفي شيء وإثباته في حالة واحدة فقال مبدلاً : { من الذين فرقوا } لما فارقوا { دينهم } الذي هو الفطرة الأولى ، فعبد كل قوم منهم شيئاً ودانوا ديناً غير دين من سواهم ، وهو معنى { وكانوا } أي{[53083]} بجهدهم وجدهم في تلك{[53084]} المفارقة المفرقة { شيعاً } أي فرقاً متحالفين ، كل واحدة{[53085]} منهم تشايع من دان بدينها على من خالفهم حتى كفر بعضهم بعضاً واستباحوا الدماء والأموال ، فعلم قطعاً أنهم كلهم ليسوا على الحق .

ولما كان هذا أمراً يتعجب من وقوعه ، زاده عجباً بقوله استئنافاً : { كل حزب } أي منهم { بما لديهم } أي خاصة من خاص ما عندهم من الضلال الذي انتحلوه { فرحون* } ظناً منهم{[53086]} أنهم صادفوا الحق وفازوا به دون غيرهم .


[53082]:في ظ: لأنه، وفي م: بأنه.
[53083]:زيد من م.
[53084]:زيد من ظ وم.
[53085]:من ظ، وفي الأصل وم: واحد.
[53086]:سقط من ظ وم.