تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (32)

30

{ من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون . }

المفردات :

فرقوا دينهم : اختلفوا فيما يعبدونه على حسب اختلاف أهوائهم .

شيعا : فرقا ، تشايع كل فرقة إمامها الذي مهد لها دينها وقرره ووضع أصوله .

كل حزب : الحزب : الطائفة من الناس والجمع : أحزاب .

التفسير :

أي لا تكونوا من المشركين الذي اختلفوا في شان دينهم اختلافات شتى ، على حسب أهوائهم ، وصاروا شيعا وفرقا وأحزابا متنازعة .

{ كل حزب بما لديهم فرحون . }

أي كل حزب منهم صار مسرورا بما لديه من دين باطل ، وملة فاسدة ، وعقيدة زائفة ، وهذا الفرح بالباطل سببه جهلهم وانطماس بصائرهم عن الانقياد للحق .

قال الفخر الرازي في التفسير الكبير ما يأتي :

منيبين إليه واتقوه . . . أثبت التوحيد الذي هو مخرج عن الإشراك .

{ ولا تكونوا من المشركين . }

أراد إخراج العبد عن الشرك الخفي ، أي لا تقصدوا بعملكم إلا وجه الله ، ولا تطلبوا به إلا رضاء الله ، فإن من حصل على رضا الله ، فقد حصل على سعادة الدنيا والآخرة .

{ من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا . }

يعنى لم يجتمعوا على الإسلام ، وذهب كل واحد إلى مذهب ، ويحتمل أن يقال وكانوا شيعا . . . يعني بعضهم عبد الله للدنيا ، وبعضهم للجنة ، وبعضهم للخلاص من النار ، وكل واحد بما في نظره فرح ، وأما المخلص فلا يفرح بما يكون لديه ، وإنما يكون فرحه بأن يرضي الله ، ويقف بين يديه ، وذلك لأن كل ما لدينا نافد لقوله تعالى : ما عندكم ينفد وما عند الله باق . . . ( النحل : 96 ) فلا مطلوب لكم فيما لديكم حتى تفرحوا به ، وإنما المطلوب ما لدى الله وبه الفرح ، كما قال تعالى :

ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله . . . ( آل عمران : 169-170 ) .

جعلهم فرحين بكونهم عند ربهم ويكون ما أوتوا من فضله الذي لا نفاد له .

ولذلك قال تعالى : قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا . . . ( يونس : 58 ) لا بما عندهم فإن كل ما عند العبد نافد . x

***