البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (32)

و { من الذين } : بدل من المشركين ، { فرقوا دينهم } : أي دين الإسلام وجعلوه أدياناً مختلفة لاختلاف أهوائهم .

{ وكانوا شيعاً } : كل فرقة تشايع إمامها الذي كان سبب ضلالها .

{ كل حزب } : أي منهم فرح بمذهبه مفتون به .

والظاهر أن { كل حزب } مبتدأ و { فرحون } الخبر .

وقال الزمخشري : ويجوز أن يكون { من الذين } منقطعاً مما قبله ومعناه : من المفارقين دينهم .

كل حزب فرحين بما لديهم ، ولكنه رفع فرحون على الوصف لكل ، كقوله :

وكل خليل غير هاضم نفسه . . .

انتهى .

قدر أولاً فرحين مجرورة صفة لحزب ، ثم قال : ولكنه رفع على الوصف لكل ، لأنك إذا قلت : من قومك كل رجل صالح ، جاز في صالح الخفض نعتاً لرجل ، وهو الأكثر ، كقوله :

جادت عليه كل عين ترة *** فتركن كل حديقة كالدرهم

وجاز الرفع نعتاً لكل ، كقوله :

وعليه هبت كل معصفة *** هوجاء ليس للبها دبر

يرفع هو جاء صفة لكل .