اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمۡ وَكَانُواْ شِيَعٗاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَيۡهِمۡ فَرِحُونَ} (32)

وتقدم قراءتا «فَرَّقُوا ، وَفَارَقُوا » وتفسير «الشِّيَعِ » أيضاً{[42051]} . قوله : «فَرِحُونَ » الظاهر أنه خبر عن «كل حزب » ؛ وجوز الزمخشري{[42052]} أن يرتفع صفة «لكُلّ » قال : ويجوز أن يكون «من الذين » منقطعاً مما قبله ومعناه من المفارقين دينهم كل حزب فَرِحينَ بما لديهم ، ولكنه رفع «فَرِحِين » وصفاً لكل كقوله :

4042 - وَكُلُّ خَلِيلٍ غَيْرُ هَاضِمِ نَفْسِهِ *** . . . . . . . . . . . . . . . {[42053]}

قال أبو حيان : قدر أولاً «فَرِحِينَ » مجروراً صفة «لِرَجُلٍ » وهو الأكثر{[42054]} كقوله :

4043 - جَادَتْ عَلَيْهِ كُلُّ عَيْنٍ ثَرَّةٍ *** فَتَرَكْنَ كُلَّ حَدِيقَةٍ كَالدَّرْهَمِ{[42055]}

وجاز الرفع نعتاً «لكُلّ » كقوله :

4044 - وَلِهَتْ عَلَيْهِ كُلُّ مُعْصِفَةٍ *** هَوْجَاءُ لَيْسَ لِلُبِّهَا زَبْرُ{[42056]}

وهو تقدير حسن .


[42051]:في الأنعام عند الآية 159 عند قوله "إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً" وقد قيل هناك: عن حمزة والكسائي قرءا "فارقوا" بالألف والباقون بالتشديد وانظر: اللباب (ميكروفيلم). والإتحاف 438 والسبعة 274. وقيل: عن الشيعة أتباع الرجل وأنصاره وجمعها: شيع، والشيعة: الذين يتبع بعضهم بعضا وليس كلهم متفقين.
[42052]:انظر: الكشاف 3/222.
[42053]:من الطويل وهو للشماخ بن ضرار الذبياني، وعجزه: بوصل خليل صارم أو معارز والهضم: الظلم، والصارم: القاطع، والمعارز: المنقبض. يقول: كل خليل لا يظلم نفسه لخليله فهو ظالم له قاطع ومنقبض عنه. والاستشهاد بالبيت في كلمة "غير" فيجوز رفعها مراعاة "لكل" ويجوز جرها مراعاة "لخليل" والبيت استشهد به الزمخشري على الوجه الأول الذي أجيز لأن "كل" مضاف إلى نكرة. وقد تقدم.
[42054]:انظر البحر 7/172.
[42055]:هذا بيت من تمام الكامل وهو لعنترة العبسي، و"جادت عليه" من الجود أي المطر. و "ثرة" غنية بالمطر دائمته، والعين مطر أيام لا ينقطع خمسة أو ستة أيام. والحدائق: الحيطان التي فيها النخل و"كالدرهم" في الاستدارة بالماء. وقد تقدم.
[42056]:هذا بيت من تمام الكامل أيضاً لابن أحمر في وصف ريح تجيء على منازل أصحابه ولا تستقيم في هبوبها على حال واحدة فهي كالناقة الهوجاء، واللب: العقل، والزبر: الإحكام، وولهت: حفّت والشاهد: في كلمة "هوجاء" رفعها وصفاً "لكل"، ويجوز فيه- على الأكثر- الجر- بالفتح حيث لا ينصرف- وصفاً لـ "معصفة". وانظر: الكتاب 3/222 واللسان:" ز ب ر، هـ و ج" وحاشية يس 2/32، ومعاني القرآن للزجاج 2/145، والبحر المحيط 7/172 وانظر هذه الأبيات السابقة في الدر المصون 4/326.